يحتل الإعلام مرتبة عالية وحيوية في تشكيل آراء وقرارات أفراد المجتمعات لما تملكه وسائل الإعلام من قدرة هائلة على الوصول لكافة الشرائح في كافة الأوقات وتحت مختلف الظروف وبأي لغة.

فوسائل الإعلام تنقل لنا الأخبار وفي الوقت نفسه تعمل على توجيه المتلقي إلى ما يجب أن يفكر فيه بشأن تلك الأخبار. وسائل الإعلام تبقي الأشخاص على اتصال مع تطورات المجتمع المحلي والدولي، وتساهم في نشر الثقافة، وترفع من مستوى الوعي بين الأفراد. ولكنها في الوقت ذاته يمكن أن تستخدم لنشر أفكار مضللة تحض على الكراهية وأخبار كاذبة تؤدي إلى تفتيت النسيج الاجتماعي. ولذلك فالمسؤولية مشتركة بين الحكومات والأفراد فيما يتعلق بنشر واستقاء الأخبار الصحيحة من مصادرها الموثوقة لكي يستمر بناء المجتمع وليس هدمه.

فالجهل والتضليل هما سلاح التدمير والتفتيت والتشتت في وقت تطور فيه الإعلام التقليدي – المسموع والمقروء والمرئي – إلى الإعلام الإلكتروني والرقمي والذي أصبح في يد كل منا فعليا. وهذا يدعو وسائل الإعلام الرسمية للمزيد من اليقظة والحس الوطني على مدار الساعة لمواجهة سيل الأخبار الكاذبة والمضللة التي تنتشر على كافة وسائل الإعلام الحديثة وخاصة الرقمية.

ومن هنا جاء إصدار حكومة دولة الإمارات للمرسوم بقانون اتحادي في شأن تنظيم الإعلام بهدف تنظيم أوضاع كافة الأنشطة الإعلامية بشتى أنواعها للعمل على ترسيخ مكانة الدولة كمركز إعلامي عالمي، ويعزز البيئة المحفزة لنمو وتقدم القطاع الإعلامي، ويسهم في تطوير بيئة تشريعية واستثمارية إعلامية تنافسية تواكب المتغيرات العالمية في قطاع الإعلام. وقد حدد المرسوم بقانون الأنشطة الإعلامية في الإمارات على أنها أي نشاط يتعلق بإنتاج ونقل وتوزيع وطباعة ونشر وبث وإرسال المحتوى الإعلامي، سواءً كان مقروءاً، أو مسموعاً، أو مرئياً، أو رقمياً، وإتاحتها للجمهور عبر وسائل الإعلام سواءً كانت هذه الأنشطة بمقابل أو دون مقابل.

كما يلزم المرسوم بقانون كل من يُمارس نشاط أو مهنة في مجال الإعلام الالتزام باحترام الذات الإلهية والأديان السماوية والمعتقدات الإسلامية والمعتقدات الأخرى وعدم الإساءة لأي منها، واحترام نظام الحكم في الدولة ورموزه ومؤسساته والمصالح العليا للدولة والمجتمع، واحترام توجهات وسياسة الدولة على المستوى الداخلي والدولي، وعدم التعرض لكل ما من شأنه الإساءة إلى علاقات الدولة الخارجية، واحترام الموروث الثقافي والحضاري والهوية الوطنية والقيم السائدة في المجتمع.

بالإضافة إلى عدم نشر أو تداول ما يُسيء إلى الوحدة الوطنية والتماسك الاجتماعي، وعدم التحريض على العنف والكراهية وعدم إثارة البغضاء وبث روح الشقاق في المجتمع، واحترام قواعد الخصوصية وكل ما يتصل بالحياة الخاصة للأفراد، وعدم نشر أو بث أو تداول الشائعات والأخبار الكاذبة والمضللة وما من شأنه التحريض على ارتكاب الجرائم. ومما لا ريب فيه أن التنظيم الجديد للإعلام في الدولة سيساهم في تدعيم النسيج الاجتماعي وعكس الصورة الحضارية عن الدولة وهي مسؤولية كافة المواطنين سواء يعملون في المجال الإعلامي أو يستخدمون وسائله المختلفة.

*باحث إماراتي