في أواخر عام 2022، أطلقت وكالة «ناسا» برنامج رحلات الفضاء «أرتميس» بتحليق المركبة الفضائية «أوريون»، دون أن يكون على متنها أحد، في رحلة تجريبية حول القمر. وهي الآن تهدف إلى الهبوط على السطح.
في الساعات الأولى من صباح يوم الاثنين الماضي، انطلقت مركبة فضائية تملكها وتديرها شركة تجارية، ومن دون أي شخص على متنها من قاعدة «كيب كانافيرال» في مهمة قد تؤدي إلى التمكن من الهبوط يوم 23 فبراير، وهو ما يمثل أول هبوط أميركي سلس على سطح القمر منذ أكثر من 50 عاماً. وفي حالة نجاحها، فإنها ستعمل أيضاً على إطلاق أسطول من البعثات الروبوتية التي تأمل «ناسا» في إرسالها إلى القمر في السنوات المقبلة من خلال العمل مع الصناعة الخاصة لإعادة رواد الفضاء إلى هناك في نهاية المطاف.
يمكن أن يتم الإطلاق التالي إلى القمر في منتصف فبراير المقبل، حيث من المقرر أن تطلق شركة أخرى «انتيوتيف ماشينز»، مركبة الهبوط الخاصة بها إلى القمر على صاروخ «فالكون 9» التابع لشركة «سبيكس إكس». وقال متحدث باسم الشركة يوم الجمعة إنها تستهدف الهبوط في 22 فبراير أو قبل ذلك، والذي، في حالة نجاحه، سيتفوق على مركبة «أستروبوتيك» بيوم واحد ويجعل «انتيوتيف ماشينز» أول كيان تجاري يهبط على القمر.
سيمثل إطلاق المركبة الفضائية التابعة لشركة «أستروبوتيك» معلماً مهماً آخر، وهو أول رحلة لصاروخ جديد طال انتظاره صممته شركة «يونايتد لونش أليانز» United Launch Alliance، وهو مشروع مشترك بين شركتي «لوكهيد مارتن» و«بوينج». يحرص البنتاجون على استخدام الصاروخ، الذي يطلق عليه اسم «فولكان»، لإطلاق مهام الأمن القومي، لكن تحتاج شركة «يو إل إيه» أولاً إلى إكمال مهمتي اعتماد بنجاح قبل أن يُسمح لها بإطلاق أقمار صناعية لمصلحة وزارة الدفاع.
يعد الإطلاق المقرر يوم الاثنين بمثابة لحظة كبيرة لشركة «بلو أوريجين»، المشروع الفضائي الذي أسسه جيف بيزوس. سيعمل محركان BE-4 من تصنيع الشركة على تشغيل المرحلة الأولى من صاروخ «فولكان» التابع لشركة «يو إل إيه» في رحلتها الأولى. وقد أعلن بيزوس والرئيس التنفيذي لـ «يو إل إيه»، توري برونو، لأول مرة عن صفقة المحرك في عام 2014 بعد أن أجبر الكونجرس «يو إل إيه»، التي كانت تستخدم محركات روسية، على العثور على مورد محلي، لكن تطوير المحركات استغرق وقتاً أطول بكثير مما كان متوقعاً في البداية، ما أدى إلى تأخير ظهور فولكان لأول مرة.
وتعتزم شركة «بلو أوريجين» أيضاً إطلاق صاروخها «نيو جلين» New Glenn لأول مرة هذا العام، والذي يتم تشغيله بوساطة سبعة محركات BE-4.
وتأتي هذه المهام في الوقت الذي تعمل فيه وكالة «ناسا» على إطلاق الرحلة الثانية لأوريون حول القمر، وهذه المرة على متنها أربعة أشخاص: رواد فضاء ناسا «كريستينا كوتش» و«فيكتور جلوفر» و«ريد وايزمان»، بالإضافة إلى رائد الفضاء الكندي «جيريمي هانسن». حالياً، من المقرر أن تتم الرحلة، وهي مهمة مدتها 10 أيام حول القمر تُعرف باسم «أرتيميس 2»، في أواخر هذا العام. لكن مدير ناسا، بيل نيلسون، قال في مقابلة، إن ذلك قد يمتد إلى عام 2025، حيث يواصل المهندسون دراسة كيفية أداء الدرع الحراري للكبسولة خلال رحلتها الأولى إلى القمر، والذي احترق أثناء العودة بدرجة أكبر مما كان متوقعاً.
في الوقت نفسه، تواصل شركة «سبيس إكس» اختبار صاروخها ومركبتها الفضائية «ستارشيب» Starship، وهي المركبة التي اختارتها وكالة «ناسا» لهبوط رواد الفضاء على القمر في أول هبوطين بشريين تحت قيادة «أرتميس». وكانت محاولتا إطلاقها السابقتان قد فشلتا في الوصول إلى المدار، لكن شركة «إيلون ماسك» أظهرت تقدماً كبيراً. وفي الآونة الأخيرة، اختبرت محركات الصاروخ الداعم التالي والسفينة التي تنوي إطلاقها. يبدو أنها تقترب من محاولة أخرى، ولكنها لا تزال بحاجة إلى موافقة إدارة الطيران الفيدرالية.
قال «جون ثورنتون»، الرئيس التنفيذي لشركة «أستروبوتيك»، في نوفمبر إن المركبة الفضائية «بيريجرين» ستسلك طريقاً مباشراً إلى القمر. لكن هبوطها سيتأخر حتى 23 فبراير، في انتظار أن تشرق الشمس على مكان الهبوط المقصود.
وأكد أنه يدرك جيداً صعوبة الهبوط على القمر والإخفاقات السابقة للعديد من المحاولات الأخرى. وقال «سيكون الأمر مثيراً ومرعباً في آن واحد. إذا نظرت إلى الوراء عبر التاريخ، فستجد أن حوالي نصف تلك المهام فقط كانت ناجحة. وقد تم تمويل معظمها من قبل قوى عظمى بميزانيات أكبر بكثير من تلك التي تم تخصيصها لهذه المهمة. لذا، فهو تحدٍ كبير حقاً».
«ناسا» أشارت إلى أن قيمة عقد «أستروبوتيك» تبلغ 108 ملايين دولار. وقال متحدث باسم شركة «انتيوتيف ماشينز» إن الشركة تتوقع أن تهبط مركبتها الفضائية «بعد سبعة أيام تقريباً من الإطلاق»، مضيفاً أن إطلاقها سيأتي في منتصف شهر فبراير.
على الجانب الآخر، هناك عدد من الأحداث الفضائية المهمة الأخرى القادمة في عام 2024. في 19 يناير، تعتزم وكالة الفضاء اليابانية الهبوط بمركبة آلية على سطح القمر، وهي النتيجة التي من شأنها أن تجعل اليابان الدولة الخامسة التي تفعل ذلك.
وتعتزم شركة «أكسيوم»، ومقرها هيوستن، إطلاق مهمتها الفضائية الثالثة الخاصة إلى المحطة الفضائية في 17 يناير الجاري. وفي فبراير، من المقرر أن تطلق شركة «سبيس إكس» مهمتها الثامنة لتناوب الطاقم إلى محطة الفضاء الدولية.
وفي أبريل، من المقرر أيضاً أن يقوم «جاريد إسحاقمان»، رجل الأعمال الملياردير الذي كلف مهمة رائد فضاء خاصة على متن كبسولة دراجون التابعة لشركة سبيس إكس، بمهمة مدنية أخرى.
وفي أبريل أيضاً، من المتوقع أن ترسل بوينج اثنين من رواد فضاء ناسا إلى المحطة الفضائية في أول رحلة تجريبية مأهولة لمركبتها الفضائية «ستارلاينر». إذا نجح ذلك، فإنه سيمنح «ناسا» أخيراً طريقة إلى جانب «سبيس إكس» لنقل روادها إلى الفضاء.
وقد أطلقت «سبيس إكس» رقماً قياسياً بلغ 98 صاروخاً إلى المدار في عام 2023، وتتطلع إلى إطلاق ما يصل إلى 144 صاروخاً هذا العام، بينما تواصل طرح كوكبة الأقمار الصناعية للإنترنت «ستار لينك».

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسينج آند سينديكيشن»