كثيرة هي التقارير التي تحدثت عن الذكاء الاصطناعي، وما إذا كان بمقدوره حماية الكائنات الحية من الانقراض. وفي هذا الإطار، تظهر قناعة لدى عدد متزايد من الباحثين بأن تقنيات الذكاء الاصطناعي تستطيع مراقبة التنوع البيولوجي، وتعزيز جهود حماية الأنواع الحية المهددة بالانقراض، ومع ذلك، ينبغي أن نفهم أن الذكاء الاصطناعي بحد ذاته ليس حلاً يصل إلى مرتبة الإعجاز لجميع التحديات التي تواجه الكائنات الحية، لكن يمكن أن يوفر تحليلات متقدمة ونماذج تنبؤية لفهم البيئة والأنماط البيولوجية، بما يساعد في تحسين استراتيجيات الحفاظ على الأنواع المهددة بالانقراض.

كما يمكن للذكاء الاصطناعي أيضًا أن يساعد في مراقبة الحياة البرية، والتعرف على الأنواع المحمية وتحديد التهديدات والمخاطر التي تواجهها. على سبيل المثال، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل بيانات الصور والفيديو للكشف عن الأنواع المهددة بالانقراض ومراقبة الصيد غير المشروع وتحديد مناطق الحياة البرية غير المحمية. كما يمكن أيضاً استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات البيئية والمناخية لفهم تأثيرات التغير المناخي على الأنواع الحية واتخاذ إجراءات للتكيف معها.

ومع ذلك، لا يخلو الأمر من تحديات، حيث يعمل الذكاء الاصطناعي وفق بيانات جيدة ودقيقة للتدريب والتحليل الفاعل. قد يكون من الصعب جمع بيانات وافية عن بعض الأنواع المهددة بالانقراض أو المناطق النائية، مما يقدم تحديات لاستخدام الذكاء الاصطناعي في حمايتها بشكل كامل. بالإضافة إلى ذلك، فإن الحفاظ على الكائنات الحية ينطوي على جوانب أخرى ليست مرتبطة بالذكاء الاصطناعي، مثل السياسات البيئية الفاعلة والتوعية العامة وتعاون المجتمع الدولي.

وبشكل عام، يمكن أن يكون الذكاء الاصطناعي أداة قوية وفاعلة في حماية الكائنات الحية من الانقراض، ولكنه يحتاج إلى دعم شامل وتعاون متعدد الجوانب لتحقيق أقصى فائدة من قدراته. وخلصت التجارب التي أجريت مؤخراً إلى أن استخدام الذكاء الاصطناعي يمكنه تحديد الأنواع المهددة بالانقراض في مناطق نائية.

بوساطة تحليل البيانات الجغرافية والصور الجوية والصور الفوتوغرافية والبيانات البيئية، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد في تحديد المناطق التي تحتوي على تشكيلات بيئية مهددة والأنواع المعرضة للانقراض التي تعيش فيها. على سبيل المثال، يمكن تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي على تحليل الصور الفوتوغرافية للتعرف على أنماط النباتات والحيوانات وتحديد الأنواع المحددة. كما يمكن أيضاً استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات البيئية مثل المناخ والتضاريس وتوزيع الموارد الطبيعية لتحديد المناطق التي تحتاج إلى حماية إضافية.

ويبدو أن جمع البيانات في المناطق النائية قد يشكل تحدياً، حيث يمكن أن يكون الوصول إلى هذه المناطق في غاية الصعوبة. ومع ذلك، يمكن استخدام تقنيات مثل الاستشعار عن بُعد والطائرات من دون طيار والشبكات الاجتماعية لجمع البيانات والمعلومات من المناطق النائية. وباستخدام تلك البيانات، يمكن للذكاء الاصطناعي تطبيق تقنيات التعلم العميق وتحليل البيانات لتحديد الأنواع المهددة بالانقراض والمناطق التي تحتاج إلى اهتمام خاص.

وفي إطار دراسة نشرتها الدورية العلمية Nature Communication، استخدم الباحثون الذكاء الاصطناعي في تحليل ما يمكن وصفه بـ «المشهد الصوتي» داخل غابات تشوكو في الإكوادور التي تشتهر بتنوع الكائنات الحية التي تعيش فيها، حيث استطاع الفريق البحثي التعرف على 183 من الطيور، و41 من الزواحف، وثلاث فصائل حيوانية من خلال التسجيلات الصوتية، ما يعني إمكانية استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في حماية الطبيعة التنوع البيولوجي، وإنقاذ الأنواع المهددة بالانقراض.

*كاتبة سعودية