من العته التعامل مع «تيك توك» بوصفه من التطبيقات «السوشلية» الاعتيادية، بل له ارتداداته الاجتماعية، بل والأمنية. من قبل دخلت فصائل إرهابية إقليمية، بل وقيادات لبث الكراهية عبره، ولكن لحسن الحظ لُجمت. إنها تطبيقات خوارزمية كما ذكرت من قبل.

تطرح الزميلة فتحية الدخاخني إجابتها على سؤال طرحتْه: «هل يُنافس تيك توك جوجل على عرش محركات البحث؟!». تجيب:«استخدم مصطلح (Googling) ليعني البحث عن معلومة أو موضوع على جوجل، محرك البحث الأكثر شهرة في العالم، لكن على ما يبدو أن هذا الأمر في طريقه للتغيير، على الأقل بالنسبة للأجيال الشابة، المولودة في فترة ما بعد الألفية، والتي تُعرف بـ«جيل زد» و«جيل ألفا».

فقد أشارت الدراسات الأخيرة إلى أن 40 في المائة من «جيل زد» (مواليد منتصف التسعينيات)، يستخدم الآن موقعَي «تيك توك» و«إنستغرام» في عمليات البحث، الأمر الذي أثار الجدل أخيراً حول ما إذا كانت التطبيقات الجديدة ستهز عرش «جوجل»، هذا بينما أعرب بعض خبراء الإعلام الرقمي عن «منطقية» هذه النتائج، في ظل جيل جديد تجذبه الصورة والفيديو.

وتوقعوا أن تشهد الفترة المقبلة تغييرات سريعة في طريقة البحث». بل تجاوز تطبيق «تيك توك» حتى «اليوتيوب»، الجيل الجديد يتابع حتى معارك أوكرانيا وروسيا وسواها، عبر هذا التطبيق، بل ونتائج المباريات للفريق المفضل لديه..هذا الجيل يعتمد على النفَس القصير بالمشاهدة، بعض الأجيال كان يتابع ملخص مباراة فريقه الفائتة لمدة عشرين دقيقة، بينما هذا التطبيق يمنحك الفرصة لمتابعة مافاتك بدقيقة أو أقل.

من قبل كتب السياسي والمفكر العتيد وصاحب النظرة الفلسفية هنري كسينجر في كتابه:«النظام العالمي» عن هذه الصرعة قائلاً إن:«تكنولوجيا الإنترنت سبقت الاستراتيجية والعقيدة - أقله الآن. ففي الحقبة الحالية، ثمة قدرات لا تفسير مشترك لها، فإن تعريف مرجعية الدولة وسلطتها قد تغدو ضبابية.

يزداد التعقيد تفاقماً جراء كون شن الهجمات المعلوماتية أسهل من التصدي لها، بما قد يشجع انحيازاً هجومياً، صار الفضاء المعلوماتي أمراً لا يمكن الاستغناء عنه استراتيجياً. راهناً بات المستخدِمون، أفراداً، شركات، أو دولاً، معتمدين على تقديرهم الخاص في توجيه فعالياتهم. تنبأ قائد القيادة المعلوماتية الأميركية بأن «الحرب القادمة ستبدأ في الفضاء المعلوماتي». 

الخلاصة، إن تطبيق «تيك توك» وبمنافسته لـ«جوجل» و«يوتيوب» يطرح تحدّيه ومنافسته، وباستجواب الكونجرس للمدير التنفيذي للتطبيق «شوزي تشو» طُرحتْ مسألة «التحديات الخطيرة» وهو سؤال قوي. من هنا فإن الوعي بهذا المستوى المنحدر من الخطاب بات ضرورياً، وبخاصةٍ أننا انتقلنا من تراتبية البحث من مكتبة المدرسة، والجامعة، والعامة، ثم «جوجل»، حتى وصل الجيل الحالي إلى البحث عن المعلومات عن طريق «تيك توك».

هذه مقالة فقط للتأمل حول نازلةٍ من النوازل، كما هو مصطلح أهل أصول الفقه. إنها مرحلة صعبة مع هذه الموجة، أعلم أن ثمة صعوبات أمنية للسيطرة عليها وبخاصةٍ مع دخول مجالات الأموال لها، لكن مجرد الوعي بهذه المعضلة أساسي بل وحيوي.

* كاتب سعودي