هناك رسالة على لوحة بيضاء صغيرة بالقرب من المصعد هي تذكير بأن العشاء في هذا المبنى السكني هو الليلة الساعة 7 مساءً، كما يحدث مرة كل شهر. ومن المرجح أن يحضر العديد من السكان، لأن الهدف هو أن نكون معاً. يضم برج «ناجايا»، في مدينة كاجوشيما الهادئة في جزيرة كيوشو اليابانية، 43 شخصاً تتراوح أعمارهم بين 8 و92 عاماً، بما في ذلك عائلة لديها خمسة أطفال. تم بناء البرج، الذي يحتوي على مساحات مجتمعية مشتركة، بحيث تتمكن الأجيال المختلفة من الالتقاء والتفاعل.

يكرس الموظفون جهودهم لدعم السكان، وربطهم ببعضهم، لخلق تلك الحياة المجتمعية ذات الأهمية الكبيرة لمكافحة الشعور بالوحدة لدى كبار السن، والتي أصبحت مشكلة كبيرة في مجتمع اليابان الذي يتزايد فيه عدد كبار السن.يقول «نومورا ياسونوري»، الذي انتقل إلى هنا قبل خمس سنوات مع زوجته: هذا المجتمع مستوحى من حضارات «ناجايا» القديمة في فترة إيدو اليابانية.

وأضاف: «من الأطفال إلى كبار السن، تعيش العائلات والعزاب، من مختلف المهن، معاً في نفس المبنى الطويل المقسم». وفقاً لبيانات الأمم المتحدة، في عام 2021، لدى اليابان أكبر عدد من السكان الأكبر سناً في العالم، حيث يبلغ عمر 30% من سكانها 65 عاماً فما فوق، وهي نسبة من المتوقع أن ترتفع. وفي ذلك العام، عين مكتب مجلس الوزراء الياباني وزيراً لمواجهة الوحدة والعزلة الاجتماعية. وفقاً لدراسة استقصائية أجراها المعهد الوطني لأبحاث السكان والضمان الاجتماعي في اليابان عام 2017، فإن 15% من الرجال الأكبر سناً الذين يعيشون بمفردهم يتحدثون مع شخص واحد كل أسبوعين، أو لا يتحدثون مع أي شخص، بينما يشعر 30% بعدم وجود أشخاص يثقون بهم يمكنهم اللجوء إليهم لمساعدتهم في حياتهم اليومية. أدرك «دوزونو هاروهيكو»، مؤسس إحدى أولى عيادات الرعاية اللازمة لتسكين الآلام في اليابان، كيف يمكن أن يعاني مرضاه العزلة الاجتماعية. كان يعتقد أن ما يحتاجه هؤلاء المرضى هو التفاعل البشري، ولذلك، في عام 2011، تقدم بطلب للحصول على منحة حكومية بفكرته لإنشاء برج ناجايا، الذي تم الانتهاء منه في عام 2013.

بحلول الساعة 6 مساءً. في هذا المساء، بدأ السكان في الوصول حاملين الطعام لتناول العشاء الجماعي. يقوم بعضهم بإعادة ترتيب الطاولات لتكوين طاولة واحدة تشغل الغرفة بأكملها تقريباً، بينما يذهب الآخرون إلى المطبخ لتقديم المساعدة. يبتسم كوكيتا، الذي وصل مع زوجته قبل ثلاث سنوات، قائلاً: «بعد مجيئي إلى برج ناجايا، أشعر بأن شبابي يتجدد».

ويضيف: «دور رعاية المسنين مليئة بالمسنين، لكنك هنا تبقى صغيراً لأنك محاط بالأطفال والشباب». يقول «كوكيتا» إنه يمشي كل يوم في الحديقة، ويسبح في حوض السباحة، ويشارك في ورشة العمل الفنية مرة واحدة في الشهر، والأهم من ذلك كله، أنه ينتهز كل فرصة للتحدث وقضاء بعض الوقت مع الأطفال. يقول «تاكاي»، وهو في الثلاثينيات من عمره، وهو أحد السكان الأصغر سناً: «أستطيع أن أتعلم الكثير من كبار السن من خلال تبادل الأحاديث.

ونحن نساعد بعضنا من وقت لآخر إذا كانت لدينا مشكلة». تم تصميم المبنى على شكل حرف V حتى يتمكن الجميع من رؤية بعضهم عند دخولهم أو مغادرتهم منازلهم، مما يسمح لهم بتحية بعضهم، وهو أمر غير شائع في أماكن أخرى، وفقاً لـ«ميمو ناجانو»، البالغة من العمر 27 عاماً، والتي عاشت هنا لمدة عامين. تقول السيدة مويمو: «يضع كبار السن مغناطيساً على أبواب منازلهم ليعلّموا الناس بموعد خروجهم حتى لا يقلق الآخرون إذا لم يجيبوا».

بعد العشاء، يغني كاواساكي ماساتوشي أغنية «بلوينج إن ذا ويند» «Blowin' in the Wind» لبوب ديلان وسط تصفيق حار، ما يوضح أن شعار برج ناجايا:«الحياة تكون مبهجة عندما يكون لديك شخص تبتسم معه»، هو أكثر من مجرد عبارة على قصاصة من الورق. إنه يحب الحياة المجتمعية ويفتخر بأنه أول مقيم في هذا المبنى عندما انتقل للعيش فيه قبل 10 سنوات. يقول السيد كاواساكي: «لقد قمت بالتسجيل قبل الانتهاء من تشييد المبنى، وسأبقى هنا بقية حياتي».

أوسكار إسبينوزا*

*صحفي لدى «كريستيان ساينس مونيتور»

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»