أفادت تقارير بأنه من المقرر أن يعلن الرئيس جو بايدن أن القوات الأميركية ستقوم ببناء ميناء مؤقت لتوصيل المساعدات إلى قطاع غزة عن طريق البحر. وقال مسؤولون، إن الخطوة لن تشمل نشر قوات أميركية في القطاع الفلسطيني، بل سيبقى العسكريون الأميركيون في عرض البحر مع مشاركة حلفاء آخرين في التنفيذ. هذا الأمر مرحَّب به، لكنه غير كافٍ. وكما هو الحال مع عمليات إسقاط المواد الغذائية جواً التي أعلن عنها بايدن في وقت سابق، يبدو أن بناء هذا الميناء ليس جهداً شاملاً لمعالجة الأزمة الإنسانية التي ساعدت الولايات المتحدة في خلقها. وقد أيَّد الرئيس بايدن بقوة ما اعترف بأنه حرب «مبالغ فيها» تشنها إسرائيل في غزة، حيث تزود الولايات المتحدة إسرائيل بالأسلحة وتحميها دبلوماسياً في الأمم المتحدة. لذا، نحن نؤيد الحرب، لكننا أيضاً نقوم الآن ببذل جهود إغاثة لتخفيف عواقبها. وربما يكون الميناء مفيداً بالفعل، غير أن صحيفة «نيويورك تايمز» نقلت عن مسؤولين قولهم، إن إنشاءه قد يستغرق أكثر من شهر أو شهرين. وقد توفي 20 شخصاً في غزة بالفعل بسبب سوء التغذية والجفاف، مع وصول الجوع إلى «مستويات كارثية»، وفقاً لما ذكرته الأمم المتحدة. عندما يعاني الأطفال من سوء التغذية الحاد، يمكن أن يتسارع معدل الوفيات بوتيرة سريعة، وقد يأتي الميناء بعد فوات الأوان بالنسبة للعديد منهم. وبالمثل، فإن عمليات الإنزال الجوي أفضل من لا شيء، لكنها صغيرة. إذ شملت عملية الإنزال الجوي الأولى 38,000 وجبة، أو وجبة واحدة لأقل من 2% من سكان غزة. وتتمثل ميزة التسليم البحري في أن السفن يمكنها تقديم مساعدات أكثر بكثير من عمليات الإنزال الجوي. لكن عمال الإغاثة يقولون، إن المشكلة الحقيقية هي أن إسرائيل تطبق عملية تفتيش تعيق توصيل المساعدات إلى غزة بالشاحنات ثم تستهدف ضباط الشرطة المدنية (لأنهم ينتمون إلى «حماس»)، لذا فإنهم غير راغبين في حماية شحنات المساعدات. وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن إسرائيل هاجمت في بعض الأحيان قوافل المساعدات التابعة لها ومنعتها، حتى بعد أن وافقت في السابق على التسليم مع السلطات الإسرائيلية. إن الإنزال الجوي والميناء البحري لا يحلان مشاكل التوزيع هذه. وليس من الواضح تماماً كيف سيتم نقل المساعدات الواردة إلى الميناء عبر غزة إلى الأماكن التي يكون فيها سكان غزة يتضورون جوعاً، أو مَن سيحمي القوافل، أو كيف ستتم إدارة التوزيع النهائي. من الواضح أن إسرائيل ستواصل تفتيش المساعدات القادمة عن طريق البحر، الأمر الذي لا يبعث على الثقة. صحيح أن حركة «حماس» قامت بتخزين المواد الغذائية التي يمكنها تقاسمها، وأن الحركة يمكن أن تنهي الحرب بالاستسلام. لكن الولايات المتحدة ليس لها تأثير على «حماس». ولديها نفوذ على إسرائيل، باعتبارها مورد الأسلحة بالنسبة لها وحاميها الدبلوماسي. هل سيكون بايدن على استعداد لاستخدام نفوذه للضغط على إسرائيل لتسهيل المساعدات الغذائية إلى غزة؟ إن هذا يعني التوقفَ عن استخدام حق النقض ضد قرارات الأمم المتحدة، وإبطاء المساعدات العسكرية، والتحدثَ مباشرةً إلى الشعب الإسرائيلي. وهذا هو أفضل أمل لتجنب المجاعة. وقد أوضح مسؤولون أميركيون أن تنفيذ هذا المشروع الكبير «سيتطلب عدة أسابيع للتخطيط والتنفيذ»، وسيشمل ممراً بحرياً لجلب المساعدات من جزيرة قبرص في شرق البحر المتوسط. وكان المسؤولون الأميركيون حريصين على تأكيد أن القوات الأميركية لن تنتشر على الأرض في قطاع غزة الذي يتعرض لقصف إسرائيلي متواصل منذ هجمات «حماس» في 7 أكتوبر على جنوب إسرائيل. ومن ناحية أخرى، يسلط هذا الإعلان خلال خطاب حال الاتحاد للرئيس بايدن الضوءَ على الضغط السياسي الحاد الذي يتعرض له بايدن بسبب دعمه الثابت لإسرائيل رغم ارتفاع عدد القتلى في غزة والأزمة الإنسانية هناك. ويأتي ذلك بعدما قالت وزارة الخارجية الأميركية، إن واشنطن متفائلة بأن طريقاً بحرياً جديداً لتوصيل المساعدات إلى غزة يخضع للبحث حالياً يمكن أن يكمل الجهود الحالية لإيصال المساعدات إلى القطاع عن طريق البر ومن خلال الإنزال الجوي. وأضافت أن ممر المساعدات البحري «لا يزال في مرحلة التطوير»، وأن واشنطن تواصل العملَ على زيادة حجم المساعدات التي تصل إلى المحتاجين في غزة. نيكولاس كريستوف* *صحفي وكاتب عمود أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»