في إطار اهتمام دولة الإمارات بترسيخ موروثها الثقافي، تقام العديد من المهرجانات والفعاليات الثقافية التي تتخذ الطابع الدوري، ومنها «مهرجان الشيخ زايد التراثي»، الذي يُقام سنويّاً بمنطقة الوثبة في العاصمة أبوظبي، والذي اختتم فعالياته وأنشطته لهذا الموسم 2023- 2024، يوم السبت الماضي الموافق 09 مارس 2024، بعد دورة متميزة انطلقت يوم الجمعة الموافق 17 نوفمبر 2023، تحت الرعاية الكريمة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، ومتابعة سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس ديوان الرئاسة.
وبفضل العناية الكبيرة والمتواصلة التي يلقاها المهرجان من قبل القيادة الرشيدة، فقد كانت هذه الدورة إضافة مهمة لمسيرة هذا المهرجان الذي يُعدُّ من أهم الفعاليات التراثية السنوية بدولة الإمارات، ويتجسد ذلك في الآتي:
- شهدت ساحات المهرجان وأقسامه إقبالاً جماهيرياً كبيراً ومكثفاً للمشاركة والاستمتاع بآلاف الفعاليات التراثية المحلية والعالمية، والفعاليات الجماهيرية التي استهدفت كل أفراد العائلة وشرائح المجتمع، وقدمت نسخة مميزة متجددة ومتنوعة وحافلة بالفعاليات والبرامج والأنشطة الجديدة، كانت جسراً للتواصل الحضاري مع الشعوب والدول عبر خطوط التلاقي الفني والثقافي والتراثي الإنساني المشترك.
- كانت هذه الدورة بمثابة فرصة متجددة لتعريف الأجيال الشابة وشعوب العالم بثقافة الإمارات وتراثها العريق، من خلال «القرية التراثية»، التي ضمت بين جنباتها مجمعاً كاملاً للبيئات المختلفة لمجتمع الإمارات قديماً، بكل ما تحمله من سمات وحرف ومنتجات ومعدات ومقتنيات، وما تشتهر به كل بيئة من موروثها الشعبي.
- ضمت هذه الدورة سوقاً شعبية كبيرة حفلت بالمنتجات المحلية اليدوية مع عروض الفنون الرائعة، إلى جانب محمية النوادر التي تُعدُّ الأولى من نوعها، بما تضم من حيوانات وطيور نادرة وفريدة في مكان بارز لاجتذاب السائحين وعشاق الحياة البرية.
- حطم «مهرجان الشيخ زايد»، في نسخته 2023-2024، أربعة أرقام قياسية جديدة في موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية من خلال أكبر وأضخم عرض للألعاب النارية وعروض الطائرات المسيَّرة التي استمرت لأكثر من 60 دقيقة متواصلة للاحتفال بليلة رأس السنة الميلادية واستقبال العام الجديد 2024، وسط أجواء حضارية ثقافية ترفيهية عالمية.
وفي الوقت الذي يُعدُّ فيه «مهرجان الشيخ زايد التراثي»، أحد أبرز المهرجانات الثقافية التراثية، التي تستضيفها أبوظبي، للحفاظ على العادات التراثية القديمة، فإن هناك العديد من المهرجانات التراثية الأخرى، التي تتمتع بأهمية كبيرة في ترسيخ الهوية الوطنية، ومن بينها مهرجان قصر الحصن في أبوظبي، الذي يُعبِّر عن ثقافة أبوظبي، ويقام سنوياً في موقع الحصن الذي يضم المبنى الأهم في تاريخ العاصمة وذاكرتها، أي قصر الحصن. وهناك المهرجان الوطني للحرف والصناعات التقليدية، وهو مهرجان سنوي تراثي، يقام في سوق القطارة في العين، سعياً إلى استقطاب ممارسي الحرف والصناعات التقليدية من جميع أنحاء دولة الإمارات بهدف التعريف بهذا الإرث العريق، والمحافظة عليه والترويج له. وبالإضافة إلى ذلك هناك معرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية، وهو أكبر معرض معني بالصيد والفروسية والمحافظة على التراث في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.
إن اهتمام دولة الإمارات بالمستقبل وسبر أغواره، لم يأتِ على حساب هويتها الوطنية وتراثها التاريخي العريق، فهناك حرص كبير على تعزيز هذه الهوية وصون هذا التراث، وذلك تأسياً بالمقولة الخالدة للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه: «من ليس له ماضٍ، ليس له حاضر ولا مستقبل»، وتتجسد هذه الرؤية في تلك المهرجانات، التي تُعقد بشكل منتظم، وتحظى باهتمام متزايد من قبل القيادة الرشيدة، وتلقى إقبالاً متنامياً كل عام.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية