تحت شعار «لا شيء مستحيل»، عقدت الجامعة الأميركية في الإمارات قبل أيام الملتقى الدولي للاعتماد الأكاديمي المؤسسي بحضور نخبة من أساتذة الجامعات والخبراء الأكاديميين في الإمارات وبمشاركة قيادات الرابطة الجنوبية للكليات والمدارس ولجنة الكليات في الولايات المتحدة التي منحت اعتمادها للجامعة الأميركية في الإمارات مؤخراً. ومن المعلوم أن التعليم العالي من أهم المراحل الأكاديمية والعلمية للأفراد في كافة المجتمعات، وذلك لسببين رئيسيين، أولهما أن التعليم العالي هو الجسر الأكاديمي الرئيسي الذي يربط أجيال الشباب بسوق العمل، وثانيهما أن التعليم العالي نفسه يساهم في دعم الاقتصاد الوطني للدول بالخريجين المزوَّدين بالمعارف والمهارات. وحسب أحدث التقارير، يوجد في دولة الإمارات ما يزيد على 70 مؤسسة تعليم عالي حاصلة على الترخيص، تتنافس جميعاً في تقديم أفضل البرامج الأكاديمية والخدمات الطلابية. لكن ما تتميز به جامعة عن أخرى هو حصولها على الاعتماد الدولي بسبب تميزها في الكوادر الأكاديمية والبرامج الدراسية والبحث العلمي ومخرجات التعليم من الطلبة وجودة التعليم والخدمات المقدَّمة لهم، الأمر الذي يمنحها ميزةً إضافية، لا سيما لو كانت برامج الجامعة تقوم بالفعل على احتياجات سوق العمل المحلية.
ويقوم الاعتماد الدولي لمؤسسات التعليم العالي المحلية على ركيزتين أساسيتين، جودة التعليم والتطوير المستمر. وتخضع الجامعة التي ترغب في الحصول على الاعتماد الدولي لإجراءات معقدة وشاملة وطويلة زمنياً، تتضمن تقييماً ذاتياً وتقييماً من قبل خبراء أكاديميين من جامعات أخرى، علاوة على التطوير المستمر، فضلاً عن تقييم الجهة المانحة للاعتماد ومراقبتها المستمرة لمخرجات الجامعة وكوادرها التعليمية. وتتضمن معايير الاعتماد الأكاديمي الدولي العديدَ من الموضوعات، أبرزها دراسة وتحليل مهمة ورسالة الجامعة في المجتمع، والتميز المؤسسي فيها، وطرق التعليم، وخدمات الطلبة، ومصادر التعليم، والبنية التحتية التعليمية، ومنهجية الإدارة في الجامعة، والحوكمة وأسلوب اتخاذ القرار، والموارد البشرية، ومستوى الخريجين علمياً وأكاديمياً.
وتلجأ بعض مؤسسات التعليم العالي على مستوى العالم إلى الحصول على الاعتماد الدولي لأسباب من أهمها ضمان جودة التعليم وتميز المخرجات، والحصول على الاعتماد الإقليمي بجانب الدولي، وإدامة عملية التطوير المستمر في برامج وإجراءات الجامعة، والسماح لطلبة الجامعة بالتنقل الدراسي بين الجامعات العالمية للحصول على أفضل شهادات التعليم العالي. والمحصلة الطبيعية للاعتماد الدولي لجامعة ما هو تدعيم مركزها الأكاديمي على المستوى المحلي والإقليمي والدولي الأمر الذي يُقوي ثقة الطلبة فيها. وبالتالي فإن المناهج الدراسية لتلك الجامعة، وطلبتها وخريجيها وكوادرها التعليمية.. يحصلون على الاهتمام والاعتراف الدولي بهم جميعاً، مما يؤدي إلى دفع الجامعة نحو مزيد من التطوير على الأصعدة كافة.
ولذا فإن ما قامت به الجامعة الأميركية في الإمارات، وما سبقه من خطوات مماثلة قامت بها جامعات محلية أخرى، يُعد خطوة ناجحة وفعالة لإعداد الطلبة الإعداد السليم لسوق العمل الدولية وليس فقط المحلية، وذلك بالتركيز على دمج المهارات العملية والتفكير النقدي والتعلم مدى الحياة، بناءً على الأسس والمعايير الدولية في التعليم العالي. وهذا الأمر بلا ريب يعمل أيضاً على تقوية مكانة دولة الإمارات إقليمياً ودولياً في مجال التعليم العالي.

*باحث إماراتي