قبل بضع سنوات، كانت فكرة حجب الشمس عمداً لمكافحة تغير المناخ من المحظورات بالنسبة للعلماء. لكن الكثير يمكن أن يتغير في وقت قصير. مع تصاعد الآثار الكارثية لتغير المناخ، طلب الكونجرس من العلماء الفيدراليين خطة بحثية، فيما تتدفق الأموال الخاصة، وتحاول الشركات الناشئة المارقة إجراء التجارب - وكلها علامات على أن الزخم حول الهندسة الجيولوجية الشمسية يتزايد بسرعة. يتضمن النهج الأكثر مناقشةً رش جزيئات صغيرة في طبقة «الستراتوسفير» لتعكس ضوء الشمس، وتقوم بتبريد الكوكب. وتشمل المقترحات الأخرى حقن ملح البحر في السحب لزيادة انعكاسها أو استخدام المظلات الفضائية العملاقة لحجب أشعة الشمس.
قد يبدو الأمر كله أشبه بالخيال العلمي البائس، لكن بعض علماء المستقبل التكنولوجيين، مثل «سام ألتمان»، الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه أي»، بدأوا بالفعل في تطبيع الأمر، وقال في يناير الماضي في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس: «سيتعين علينا أن نفعل شيئاً دراماتيكياً فيما يتعلق بالمناخ باستخدام الهندسة الجيولوجية كبديل مؤقت». 
لا أحد يفهم بشكل كامل المخاطر التي تنطوي عليها هذه التقنيات - والتي يمكن أن تشمل اضطرابات كارثية في الطقس - أو مدى أهمية فوائدها. وأنا على قناعة متزايدة بأننا ينبغي لنا أن نجري المزيد من البحوث في مجال الهندسة الجيولوجية الشمسية. لكن مثل هذا العلم الذي ينطوي على مخاطر عالية يتطلب مستويات غير عادية من الشفافية والمساءلة أمام الجمهور العالمي. والبديل هو الأبحاث السرية التي تسيطر عليها الشركات أو الأنظمة، والتي تتجه نحو النشر دون معرفة المخاطر الحقيقية أو نعرفها ولا نشاركها.
لكن ثمة مخاطر محتملة للهندسة الجيولوجية الشمسية على سبيل المثال، يمكن أن يؤدي رش الجسيمات العاكسة في مكان ما إلى تغيير أنماط هطول الأمطار بشكل كبير في مكان آخر. علاوة على ذلك، بمجرد أن يبدأ أي شخص في استخدام الهندسة الجيولوجية الشمسية على نطاق أوسع، فإن إيقافها فجأة قد يؤدي إلى «صدمة النهاية» - حيث تتكيف درجات الحرارة العالمية بسرعة إلى حيث كانت لولا استخدام الهندسة الجيولوجية. مع نقاط اللاعودة المرعبة هذه، فإن كل خطوة متسارعة من البحث تتطلب مشاركة ومداولات عامة عالمية.
كانت معظم الأبحاث حتى الآن مؤقتة ومقتصرة على عمليات محاكاة حاسوبية. ولكن لمعرفة ما سيحدث في العالم الحقيقي، نحتاج أيضا إلى تجارب خارجية. فمن خلال إطلاق بالون محمّل بالأدوات إلى طبقة الستراتوسفير، على سبيل المثال، يمكن للباحثين إطلاق كمية صغيرة من الجسيمات وقياس كيفية تفاعلها مع الغلاف الجوي، مع الحد الأدنى من المخاطر البيئية.
لكننا شهدنا بالفعل رد فعل عنيفاً على هذا النوع من التجارب: فقد خطط باحثو الهندسة الجيولوجية بجامعة هارفارد لإجراء تجربة لأدواتهم في السويد في عام 2021، ليتم إغلاقها بعد احتجاج ما يُعرف بمجلس شعب «السامي» من السكان الأصليين والمجموعات البيئية المحلية على الاختبارات. وكان أحد الشواغل الرئيسية يتلخص في الكيفية التي قد تتمكن بها مثل هذه البحوث من إعادة توجيه الاهتمام والاستثمار بعيداً عن الجهود الأكثر إلحاحاً الرامية إلى الحد من الانبعاثات، وبالتالي التحول إلى خطر أخلاقي. وفي الآونة الأخيرة، حظرت المكسيك تجارب الهندسة الجيولوجية بعد اكتشاف أن رجل أعمال أميركي في مجال التكنولوجيا أطلق اختبار بالون دون إذن. وتشير بعض التقييمات إلى احتمال إجراء المزيد من التجارب، وحتى عمليات نشر أكبر. وسيكون من الأفضل كثيراً أن تحدث هذه الأحداث في العلن، كما هو الحال في السويد، وليس في السر.
وحتى في الأماكن التي لم يتم التخطيط للتجارب فيها، فإن الجمهور يشعر بالقلق. لم يسمع معظم الناس عن الهندسة الجيولوجية في الولايات المتحدة، لكن 72% من أولئك الذين سمعوا عنها أفادوا بأنهم قلقون جداً من أننا سنستخدمها قبل فهم تأثيرها. وعلى نطاق أوسع، على الرغم من وجود أدلة على دعم الأبحاث، إلا أن هذا الدعم متردد ومشروط. وفي غياب الشفافية والثقة، قد يتحول النقاش العام حول الهندسة الجيولوجية إلى نظريات المؤامرة والأيديولوجية الحزبية.
إن التردد في الثقة بالعلماء أمر مفهوم. لقد ظل العلم مهنة لفترة طويلة يسعى للحصول على مكانته على حساب النزاهة، كما تمت خصخصة المؤسسات العلمية العامة على نحو متزايد مع الحد الأدنى من المساءلة. وفي ظل تاريخ طويل مضطرب يشتمل على تحسين النسل وأسلحة الحرب، لا يمكننا أن ندعي أن العلم نقي أو معصوم من الخطأ.
لكن العلم غير معصوم من الخطأ لأنه على وجه التحديد ممارسة، نشاط إنساني تعاوني. وكما يذكرنا الفيلسوف الأخلاقي «ألاسدير ماكنتاير»، فإن الانخراط في ممارسة ما بشكل جيد يتطلب ممارسة فضائلها - والتي تشمل بالنسبة للعلم الشفافية، والصدق، والتواضع، والتشكيك، والتعاون. وبالنسبة للهندسة الجيولوجية، فإن هذا يعني الكشف عن كل مصادر وحجم التمويل وإدارة تضارب المصالح المحتملة بشكل فعال، وضمان مشاركة أصحاب المصلحة من جميع أنحاء العالم في صنع القرار، وتجنب التفكير الجماعي، وتبادل نتائج وبيانات المرحلة المبكرة لتسريع الأبحاث، والانخراط في العلوم المفتوحة بشكل جذري.
وينبغي لنا أن نكون حذرين بشكل خاص من التنازل عن السيطرة على أبحاث الهندسة الجيولوجية لصناعة التكنولوجيا. في كثير من الأحيان، وتحت ستار الفضيلة، يستفيد علماء المستقبل التكنولوجيون من القوة التي تأتي من المعرفة العلمية بينما يستغلون الناس والبيئة، وهو النمط الذي تشخصه الصحفية «أدريان لافرانس» من مجلة «أتلانتك» بأنه سلطوية تكنولوجية. لا يمكننا أن نسمح لكيانات خاصة تسعى إلى الربح بتوجيه أو تمويل أبحاث الهندسة الجيولوجية الشمسية بشكل سري.
وبدلاً من ذلك، يجب أن يتم أي بحث من قبل مؤسسات تعمل من أجل المصلحة العامة. إذا كان التمويل الخاص هو الخيار الوحيد، فسيحتاج العلماء إلى اختيار مكان عملهم بعناية والدفاع عن نزاهتهم ضد الضغوط الخارجية. ويجب عليهم توصيل نتائج الأبحاث بوضوح، سواء كانت إيجابية أو سلبية، وتثقيف الجمهور حول ما هو ممكن وما هو على المحك. وبهذه الطريقة، يستطيع الجمهور بدوره محاسبة صناع السياسات والمنظمين والعلماء، حيث يعمل الجميع معاً لتحقيق الصالح العام.
جيريمي فريمان
المدير التنفيذي لمنظمة «كاربون بلان» غير الربحية لأبحاث المناخ
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»