فيما يشير إلى استمرار جهود دولة الإمارات لتعزيز تنافسية اقتصادها وتمكين القطاع الخاص، عبر توفير الائتمان اللازم لتمويل أنشطته، وتكثيف مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي جهوده للحفاظ على نظام مصرفي مستقر يتم في إطاره تقديم خدمات مُتميزة وفاعلة، أكَّدت إحصائيات المصرف، الصادرة في شهر مارس 2024، بشأن «المؤشرات المصرفية لعام 2023» على الدور الحيوي الذي يلعبه القطاع المصرفي في دولة الإمارات، وذلك بتوفير الائتمان للقطاع الخاص، حيث ارتفع الائتمان الممنوح للقطاع الخاص بنسبة 5.8%، بين ديسمبر 2022 وديسمبر 2023، في ضوء زيادة الائتمان الممنوح للقطاع التجاري والصناعي بنحو 3.1%، خلال الفترة نفسها.
وفي الواقع، فإن توفير التمويل اللازم للقطاع الخاص يعد ضمن أهم محددات تنافسية الاقتصاد، نظراً لما يسهم به في تعزيز سهولة ممارسة الأعمال وتمويل المشروعات الخاصة بتكلفة مناسبة، ما يعزز دور القطاع الخاص في دعم عمليتي النمو الاقتصادي والتوظيف، وهو ما يصب في نهاية المطاف في ترسيخ عملية التنمية المستدامة التي تشهدها الدولة، في ظل القيادة الرشيدة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله.
والجدير بالذكر في هذا الخصوص أن دولة الإمارات قد جاءت في المركز (10) ضمن 64 دولة في المؤشر العالمي للتنافسية لعام 2023 الصادر عن المعهد الدولي للتطوير الإداري، واحتلت مراتب متقدمة في العديد من المؤشرات الفرعية، ومنها مؤشر التمويل، حيث جاءت في المركز (18)، وجاءت قطر بالمركز (23)، وحلت السعودية في المركز (26)، وتلتها الكويت والبحرين بالمركزين (37) و(39) على التوالي.
وفي دلالة واضحة على قوة أداء القطاع المصرفي بالإمارات وفرص نموه، رفعت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني نظرتَها المستقبليةَ للنظام المصرفي في دولة الإمارات من «مستقرة» إلى «إيجابية»، في شهر مارس 2024، وذلك في ضوء توقعاتها لنمو الناتج المحلي الإجمالي للدولة في عام 2024 بنحو 4.6%، ما يشير إلى زخم النمو الاقتصادي وتميز وكفاءة البيئة التشغيلية للقطاع المصرفي في دولة الإمارات واستفادته من النمو المتسارع للقطاع غير النفطي الذي يتوقع نموه بنحو 4.5% خلال عام 2024، مدعوماً بجهود تحسين بيئة الأعمال والإصلاحات الهيكلية المعززة لجذب الاستثمار الأجنبي.
وانطلاقاً من دوره في ضبط الأداء الاقتصادي، وتنفيذ السياسات النقدية التي تعزز الثقة وتدعم القطاعات الاقتصادية في أوقات الأزمات، لعب مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي دوراً حيوياً في دعم أداء الاقتصاد، خلال جائحة «كوفيد-19»، حيث أطلق في شهر مارس 2020 خطةَ دعم اقتصادي بقيمة 100 مليار درهم، وتم رفعها في أبريل 2020 إلى ما يفوق 256 مليار درهم، لتمكين البنوك من تقديم الدعم للشركات بغية حماية رؤوس أموالها والحفاظ على السيولة في السوق المحلي، وقد استفاد من هذه الخطة نحو 1500 شركة، و10000 منشأة متوسطة وصغيرة الحجم. كما خفض نسبة الاحتياطي الإلزامي للودائع بالبنوك من 14% إلى 7% لتعزيز قدرتها على الإقراض.
وعلى الجانب الآخر، يعمل مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي على تسريع التحوُّل الرقمي في قطاع الخدمات المالية، حيث أطلق برنامجَ تحوّل البنية التحتية المالية في شهر فبراير 2023، والذي تضمّن تسع مبادرات، وهي العملة الرقمية، والمنظومة المحلية لبطاقات الدفع، ومنصة اعرف عميلك، والتكنولوجيا الإشرافية، ومركز الابتكار، والتمويل المفتوح، ومنصة المدفوعات الفورية، والسحابة المالية، والتميز، وتجربة العملاء.
وتأتي تلك الجهود بما يتسق مع التوجُّهات الاقتصادية لدولة الإمارات، وترسيخاً لمبادئها الاقتصادية للسنوات العشر المقبلة، التي أقرتها الحكومة في شهر نوفمبر 2023، ومنها حماية استقرار الأنظمة المالية للدولة، وأفضل نظام مصرفي لتعزيز زخم النمو الاقتصادي، والاستثمار في الاقتصاد الرقمي.. ما يسهم في تعزيز الاستقرار النقدي والمالي وحماية المستهلك، وتمكين القطاع الخاص عبر وجود بنية تحتية مالية قوية ومستقرة.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية