نجحت دولة الإمارات العربية المتحدة، خلال استضافتها مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «كوب28» العام الماضي في لفت أنظار حكومات العالم لأهمية اتخاذ قرارات استراتيجية وخطوات عملية ملموسة، تساهم في مواجهة الآثار السلبية المتزايدة لأزمة التغير المناخي، وارتفاع درجة حرارة الأرض، وذلك للحفاظ على مكتسبات الحضارة الإنسانية. وضمن ذلك السياق تأتي أهمية استضافة العاصمة أبوظبي فعاليات القمة العالمية لطاقة المستقبل، في الفترة من 16 إلى 18 من الشهر الحالي، والتي ركزت على دعم الأهداف والالتزامات في قطاع الطاقة العالمي، إضافة إلى استعراض القمة حزمة من أهم الحلول المبتكرة للتحديات المعقدة التي تم تحديدها في «كوب28»، كما استهدفت القمة إبراز الجهود العالمية في تعزيز الابتكار والبحث العلمي والاستثمار للمساعدة على تحقيق التحول العالمي نحو اعتماد الطاقة النظيفة.
كما أتاحت القمة الفرصة لالتقاء جميع الأطراف ذات الصلة بمجال الطاقة في مناخ علمي متميز، وذلك لمناقشة التحديات والمشاكل التي تواجه قطاع الطاقة، ومحاولة الوصول إلى الحلول المناسبة لضمان مستقبل مستدام للأجيال القادمة. ومن هنا تأتي أهمية رسالة القمة العالمية لطاقة المستقبل، وهي ضرورة تأسيس مستقبل جديد للطاقة من خلال التفكير العلمي العالمي الجماعي الجريء والمختلف، ولذلك تجمع القمة أبرز القادة وصانعي القرار على مستوى العالم بجانب المستثمرين والشركات الناشئة جنباً إلى جنب لمناقشة تحديات طاقة المستقبل.
ومن أبرز المحاور التي استعرضتها القمة العالمية لطاقة المستقبل قضايا المياه والنفايات البيئية والمناخ والبيئة والمدن الذكية والطاقة الشمسية، وغيرها من قطاعات الطاقة النظيفة، وذلك للوصول لأفضل الحلول المستقبلية للتحديات في تلك المحاور.
وكل محور من تلك المحاور يمثل بحد ذاته ركنا أساسياً وجذرياً في مستقبل البشرية. فالمياه على مستوى العالم تُشكل هاجساً كبيراً لتحديات ندرتها، وتأثير ذلك على توفر الغذاء بشكل خاص، وعلى الإنسانية بشكل عام. كما يعكس محور النفايات البيئية أهمية قطاع إعادة التدوير وإدارة النفايات وتحويلها إلى طاقة في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا. أما محور المناخ والبيئة، فإنه فرصة لتجمع القادة في المجال العلمي والبحثي والتكنولوجي وصانعي السياسات بهدف تطوير نماذج وسياسات عمل جديدة للتكيف مع تحديات المناخ.
أما محور المدن الذكية، فهو حاضنة تجمع الحكومات والبلديات ذات التفكير المستقبلي مع الرواد في التخطيط الحضري والتنقل والرقمنة والصحة الذكية وتكنولوجيا المدن الآمنة لتطوير إمكانات الأنظمة الذكية في مدن المستقبل. ويستعرض محور الطاقة الشمسية في القمة أحدث الابتكارات والرؤى المستقبلية في مجال الطاقة الشمسية الكهروضوئية والطاقة الشمسية الحرارية وتخزين الطاقة، وذلك من خلال التقاء أفضل الشركات الهندسية في العالم ومقدمي التكنولوجيا والحكومات في المنطقة. واستعرض المحور الأخير، الطاقة النظيفة، أبرز الخطط والبرامج والمشاريع والتقنيات التي تم تصميمها بهدف ضمان تحول الطاقة إلى مصادر متجددة ونظيفة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
القمة العالمية لطاقة المستقبل تساهم في ترسيخ الرؤية المستقبلية لحكومة دولة الإمارات العربية المتحدة نحو مستقبل أفضل للبشرية يقوم على طاقة متجددة تحافظ على الإنسان، وعلى البيئة، وتحمينا من مخاطر التغير المناخي.
*باحث إماراتي