لن تكون مواجهة الطبيعة هي التهديد الوجودي الوحيد الذي سيشكل عالم المستقبل وتحديد الفواعل المؤثرة في العلاقات الدولية والفواعل من العناصر التي هي دون الدولة أو فوق الدولة في ظل هيمنة التحول الرقمي على حياة الفرد في معظم مجتمعات العالم. هذا التحول يدفع في اتجاه ازدياد مخاطر الاعتمادية شبه الكلية على التكنولوجيا في الحياة اليومية دون وجود بدائل في حال سقوط تلك المنظومة.
وبدأت تظهر معضلة الاختيار الاستراتيجي بين الكفاءة والمرونة (استراتيجية العقود الآجلة)، وحتماً قد ترتفع تكلفة الأضرار الناجمة عن الظواهر الجوية المتطرّفة في جميع أنحاء العالم بنسبة لا تقل عن 60%.
سيضطر العالم إلى إعادة تأهيل المباني والمرافق والبنى التحتية الحيوية بالرقمنة واستخدام مواد وطرق وتصاميم هندسية جديدة تغير شكل مدن المستقبل، وتسريع الانتقال بعيداً عن الوقود الأحفوري في نقطة الانطلاق للانتقال الأخضر، وضغوطاً للانتقال إلى سلاسل إمداد أقل انكشافاً وأكثر تنوعاً وموثوقية، وسيرتبط ذلك بصعود حاد للمنافسة على الموارد، ومن جهة أخرى، فإن الجغرافيا السياسية للتقنيات ستزيد من التنافسية بين الدول والقارات مما سيؤدي إلى تجزئة النظم الإيكولوجية للابتكار. ويزيد من تكاليف ومخاطر الأمن السيبراني خاصةً بالنسبة للتكنولوجيات ذات الاستخدام المزدوج، إلى جانب إعادة توجيه النظرة التقليدية للتقدم الاقتصادي نحو نظرة نوعية أكثر تطوراً تدور حول الرفاهية، وكفاءة الموارد والدائرية والتجديد. 
ومن الناحية الأمنية، ستمتلك العديد من الدول تقنيات نووية عسكرية ستعيد ترتيب موازين القوى العالمية، وصفقات بين الحكومات ستبدو على أنها صراعات محتدة بينما هي في الحقيقة ليست سوى اتفاقيات سرية لتحقيق التبادلية المنفعية الخالصة، مثل أن تهاجم دولة دولة أخرى ليتم تعويض الدولة المتضررة بمليارات الدولارات التي لم تكن ستحصل عليها دون محفّز من الأحداث، والدول التي يعتقد أنها تجاوزت نقطة اللاعودة ستواصل الأنظمة فيها توسيع نشاطها في المناطق التي تضمن نفوذها وتموقعها التنافسي، ولا سيما أن الدول التي تعيش على النبوءات والعقائد الفكرية والدينية مهما اختلف ظاهرها، فإن المضمون لا يتغير وهو ما يجب أن يفهمه بقية العالم. 
متى ما أدركنا ذلك البعد وعمقه، سندرك تباعاً كيف يجب أن تختار الولايات المتحدة وحلفاؤها بين فقدان أوكرانيا أو تايوان والرضوخ للواقعية الصينية الروسية، وكيف ستنمو الحركات المتطرفة وتنشط في أفريقيا من المنطقة التي تمتد من البحر الأحمر إلى ساحل المحيط الأطلسي، وكيف ستصاب البلدان النامية بموجة تخلّف عن سداد القروض في ظل اتجاه العالم نحو ركود اقتصادي، ومن ستختار الشركات الأوروبية قريباً بين الأسواق الصينية أوالأميركية، وكيف ستقطع روسيا معظم تدفقات الغاز المتبقية إلى أوروبا، مما سيزيد من الدعم الأوروبي للمفاوضات، وكيف سيستخدم الديماغوجيون والشعبويون الذكاء الاصطناعي كسلاح لتحقيق مكاسب سياسية ضيقة على حساب الديمقراطية والمجتمع المدني والتلاعب بالناخبين والفوز بالانتخابات.
قد يواجه الغرب ركوداً اقتصادياً حاداً سيُخرج الشعوب للشوارع في احتجاجات عنيفة، وسوف نشهد تطورات غير مسبوقة في قدرات بعض الدول في صناعة طائرات من دون طيار، وانتعاش في السوق السوداء للتكنولوجيا المتقدمة جداً في صناعة طائرات من دون طيار بحجم الحشرات لإحداث أضراراً بليغة بالبنية التحتية وتعطيبها والتجسس واغتيال كبار الشخصيات. وكيف أن أزمة الطاقة في عام 2025 ستزيد الضغط على المستهلكين، وتفرض ضغوطاً مالية على الحكومات، وتعمّق الانقسامات بين الدول المتقدمة والنامية. 
وربما سيشجع عدم اليقين المزيد من الحكومات على فرض قيود تجارية حمائية، كما ستهدد أسعار الغاز المرتفعة إنتاج الأسمدة وترفع التكاليف على المزارعين في جميع المجالات، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية، ناهيك عن الإجهاد المائي، والذي سيصبح تحدياً عالمياً منهجياً، بينما ستظل الحكومات تتعامل معه على أنه أزمة مؤقتة، وكيف ستصبح العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية أكثر عنفاً مع توسع النشاط العسكري الإسرائيلي، والمستقبل الذي يمكن وصفه في ذلك النزاع أن حل الدولة الواحدة سيقترب أكثر من أن يصبح حقيقةً واقعة.
*كاتب وباحث إماراتي في شؤون التعايش السلمي وحوار الثقافات.