عكس احتفاء دولة الإمارات بيوم العمال العالمي، الذي يحل في الأول من مايو كل عام، الاهتمام الكبير الذي تعطيه لتطوير منظومة حقوق العمال والارتقاء المستمر بها، كما عكس التزامها المتجدد بضمان حقوق العمال وامتيازاتهم، بالانسجام مع عدد من الاعتبارات الأساسية، منها التقدير الكامل لقيمة العمل ودوره في بناء المجتمعات المتقدمة، إضافة بطبيعة الحال إلى الأهمية المطلقة التي يحظى بها الإنسان، كأولوية مركزية في فكر القيادة الرشيدة ممثلة في صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله. 
وثمة الكثير من التصريحات التي تؤكد هذه الأولوية، ومنها قول سموه بمناسبة اليوم الوطني الخمسين: «إن دولة الإمارات تمضي نحو المستقبل، وفق استراتيجية متكاملة الأسس والأركان.. أهمها الإنسان الذي نعده رأسمالنا الحقيقي، وأهم عناصر ثروتنا، ورهاننا الأساسي في مضمار التنافس العالمي». 
وبمناسبة احتفاء الدولة بيوم العمال العالمي، يوم الأربعاء الماضي، أكدت وزارة الموارد البشرية والتوطين أن الارتقاء بحقوق العمال وحمايتها يعد من أبرز أولوياتها، ويقع في صلب استراتيجيتها في إطار قيم التسامح والتعايش التي تتميز بها دولة الإمارات. وأشارت الوزارة إلى تحقيق الإمارات مستويات تعتبر من الأعلى عالمياً في مجال توفير الحماية الاجتماعية والاستقرار المهني للقوى العاملة، أسهم في تحسين بيئات العمل المحفزة على الإنتاج، وتعزيز القدرة على استقطاب الكفاءات والمبدعين.
وتحت شعار، «عمالنا مصدر فخرنا»، تنظم وزارة الموارد البشرية والتوطين، وبالتعاون مع شركائها من القطاعين الحكومي والخاص، مجموعة من الفعاليات التوعوية والترفيهية تمتد لمدة أسبوع، وتشمل مناطق الدولة كافة، حيث تتضمن أنشطة رياضية وفنية ومسابقات ترفيهية بلغات مختلفة، وزيارات ميدانية لمقرات العمل، والسكنات العمالية وتوزيع هدايا على العمال.
وثمة العديد من المؤشرات التي تؤكد أن المنظومة الراسخة التي أرستها دولة الإمارات لحماية حقوق الإنسان تشهد المزيد من التطوير المستمر، والهدف الوصول إلى أفضل الممارسات العالمية في هذا المجال، ومن أبرز هذه المؤشرات على سبيل المثال لا الحصر، نظام حماية الأجور الهادف إلى حماية حقوق العمال، وضمان حصولهم على أجورهم في المواعيد المحددة، وتؤكد إحصائيات سوق العمل بالقطاع الخاص، أن نسبة المستفيدين بهذا النظام قد بلغت أكثر من 98%، ويعد هذا التطور من التطورات الحيوية التي شهدها سوق العمل في دولة الإمارات وكان له دوره البارز في تعزيز جودة بيئة العمل. 
وتجدر الإشارة إلى أنه مع مطلع العام الجاري بدأت الإمارات تطبيق تعديلات القانون الاتحادي رقم 20 لسنة 2023 بشأن تنظيم علاقات العمل، وتسهم هذه التعديلات في تسريع البت في الشكاوى العمالية المحالة للقضاء، وتعزيز امتثال العمال وأصحاب العمل ومكاتب استقدام العمالة المساعدة للأحكام القانونية، وتقليل عدد العمالة غير النظامية، وضمان حقوق جميع أطراف علاقة العمل التعاقدية، من خلال البيئة التشريعية العادلة والواضحة، والتي تتمتع بالشفافية والنزاهة والحياد.
وتؤكد التقارير الدولية الموثوقة مدى جاذبية سوق العمل في دولة الإمارات، وهنا يمكن الإشارة إلى أن الدولة قد حصدت المرتبة الأولى عالمياً في عدد من المؤشرات الأساسية، منها: مؤشر «القدرة على استقطاب المواهب»، وفق تقرير الازدهار العالمي لعام 2023 الصادر عن «معهد ليجاتوم البريطاني»، ومؤشري «قلة النزاعات العمالية»، و«قلة تكاليف تعويض إنهاء خدمات العامل»، وفقاً لتقرير الكتاب السنوي للتنافسية العالمية لعام 2023 الصادر عن المعهد الدولي للتنمية الإدارية IMD في سويسرا، كما حلت الدولة الأولى عالمياً في مؤشر «قلة تكلفة الفصل من الخدمة» في تقرير مؤشر الابتكار العالمي 2023 الصادر عن «المنظمة العالمية للملكية الفكرية» (WIPO).
تدرك دولة الإمارات أن العمل الجاد هو الطريق لتحقيق الطموحات والأهداف الوطنية، وهي تثمن عالياً جهود العمال، وتعمل المؤسسات المعنية بشكل مستمر على تطوير بيئة العمل، لتوفير البيئة المناسبة للإبداع والابتكار وقبل ذلك تحقيق الاستقرار المهني والمادي للعمال، وبما ينسجم مع المكانة التي يحظى بها الإنسان كهدف لعملية التنمية في نهاية المطاف. 

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية