في إطار تواصل جهود دولة الإمارات لتنفيذ تعهدات مؤتمر «كوب28»، استضافت أبوظبي قبل نحو أسبوع أول اجتماع لمجلس إدارة الصندوق العالمي المختص بالمناخ ومعالجة تداعياته، والذي تم الاتفاق على تفعيله وبدء تمويله في اليوم الأول من المؤتمر.
ويمثل هذا الاجتماع شاهداً على المساعي الحثيثة لدولة الإمارات لمواصلة تفعيل الصندوق الذي نجحت في حشد تعهدات مالية دولية له بنحو 792 مليون دولار، قدمت منها 100 مليون دولار فور الإعلان عن تأسيسه. كما يبعث الاجتماع رسائل ملهمة لأعضاء الصندوق للبناء على التقدم المحرز في «اتفاق الإمارات» الذي تم إقراره في نهاية أعمال «كوب28»، وسرعة الانتهاء من الإجراءات التشغيلية المطلوبة لبدء مساعدة المجتمعات المتضررة للتعافي من تأثيرات تغير المناخ.
وفي الواقع، فإن اتفاق الإمارات التاريخي في «كوب28» يُعدُّ إنجازاً غير مسبوق نجح في كسر جمود العمل المناخي والتوصل إلى توافق فريد بين الدول على العديد من القضايا الخلافية التي ظلت عالقة لسنوات طويلة في أروقة المفاوضات، ليضع بذلك خطةَ عمل طموحة لتحقيق أهداف اتفاق باريس المناخي من خلال نهج منفتح على الجميع لا يترك أحداً خلف الركب.
ولعل من الإنجازات المهمة التي يجب أن يشار إليها كذلك، الخطوة المتمثلة في الانتهاء من أول عملية تقييم للجهود العالمية المتعلقة بالمناخ، لنشهد للمرة الأولى دعوة الدول للانتقال بأسلوب منظم وعادل ومسؤول ومنطقي من استخدام الوقود التقليدي الذي لا يتم تخفيف انبعاثاته، وزيادة القدرة الإنتاجية للطاقة المتجددة ثلاث مرات ومضاعفة كفاءة الطاقة على مستوى العالم بحلول عام 2030، وإطلاق العديد من المبادرات التي شكلت إرثاً تاريخياً في العمل المناخي الجاد القائم على الإنجاز والأفعال.
وفي سبيل صون واستدامة تلك المكتسبات، أطلقت الإمارات تعاوناً ثلاثيّاً «ترويكا» بين رئاسات مؤتمرات الأطراف «كوب28» بدولة الإمارات، و«كوب29» الذي سيقام في أذربيجان، و«كوب30» الذي سيقام في البرازيل، لتوحيد الجهود والتنسيق بين الرئاسات الثلاث لضمان تنفيذ التعهدات والالتزامات وحشد الجهود العالمية لتصحيح مسار العمل المناخي بما يتماشى مع مخرجات اتفاق الإمارات التاريخي في «كوب28»، وحث الأطراف على تقديم مساهمات محددة وطنياً أكثر طموحاً في العام المقبل.
وحرصاً على متابعة التقدم المحرز في أهداف الانتقال الطاقي، وبالشراكة الوثيقة بين الإمارات رئيس «كوب28» ووكالة الطاقة الدولية مع أذربيجان رئيس «كوب29» والبرازيل رئيس «كوب30» واتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ، تم إطلاق منصة تحليلية لتتبع التقدم العالمي نحو تحقيق أهداف هذا الانتقال بـ«كوب28» من أجل ضمان التحرك بسرعة لتنفيذها بالكامل لبناء مستقبل طاقة أكثر أماناً واستدامة. وفي هذا السياق منح مجلسُ الطاقة العالمي «جائزة تأثير الانتقال الطاقي العالمية» إلى رئيس «كوب28»، تقديراً لرؤية والتزام قيادة دولة الإمارات، ودورها في تعزيز الانتقال الطاقي المسؤول.
وانطلاقاً من مبدأ القيادة بضرب المثل في تطوير هيكل التمويل المناخي باعتباره العامل الحاسم لتمكين التقدم في العمل المناخي، فقد أطلقت الإمارات «إعلان الإمارات بشأن الإطار العالمي للتمويل المناخي»، ليقدم نهجاً شاملاً وموحّداً لزيادة التمويل المناخي بشروط ميسرة وبتكلفة مناسبة للجميع، كما أنشأت «المركز العالمي لتمويل المناخ» كجهة عالمية تجمع أصحاب المصلحة الرئيسيين لدفع الاستثمارات ومعالجة العوائق الرئيسة لتدفقها، وبناء قدرات الجهات الفاعلة داخل الإمارات وخارجها. كما أطلقت الإمارات صندوقاً للاستثمار المناخي برأس مال تحفيزي بقيمة 30 مليار دولار، تحت اسم «ألتيرا»، كأكبر صندوق استثماري يركز على جذب وتحفيز التمويل الخاص لمواجهة تغير المناخ عالمياً، ويهدف إلى جمع وتحفيز 250 مليار دولار بحلول عام 2030.
ومع تمديد عام الاستدامة بالإمارات، وبفضل رؤية القيادة الرشيدة وتوجيهاتها، تستمر الدولة في تعزيز حضورها ودورها لاعباً عالمياً رئيساً وداعماً لإيجاد الحلول المبتكرة حول قضايا الاستدامة والعمل المناخي.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية