هو خريف إذاً على العصابة الإيرانية في اليمن، تزامن بمشيئة الله مع تساقط أوراق فصل الخريف. «الحوثيون» مبتلون هذه الأيام بتساقط أفراد مليشياتهم في جبهات القتال والجيوش الحديثة المدربة على أيدي خبراء التدريب العسكري في الإمارات، تمكنوا خلال سنوات الحرب من تقديم جيش يمني وطني لديه قدرات على أعلى ما تكون الجاهزية، ولم يعد هناك أي أثر لجيش الاستعراض والحروب التقليدية والجندي الأمي، فمعظم الأفراد يحملون الشهادات الجامعية وأقل المؤهلات هي الثانوية العامة.
فماذا أحاق بـ«الحوثيين»؟ وكيف كشفت الأيام زيفهم وعواقب عمالتهم لإيران؟ ولماذا تنهار خطوطهم التي كانوا يدّعون بأنها أقوى خطوط الدفاع في التاريخ؟
فقد خلطت الإدارة «الحوثية» بين الحقيقة والزيف، واعترف وزير الإعلام المنشق في مؤتمره الصحفي في الرياض كيف أن خبراء الزيف يشوهون الحقائق ويوهمون السذج بأن صواريخهم دمرت المدن السعودية، وأن مليشياتهم تعمل من داخل الأراضي السعودية، وتجد هذه الأكاذيب آذاناً صاغية بين (المتأيرنين) عرباً وعجماً وأوروبيين، فيرددون أقاويل باطلة تشكك في مقدرة التآلف والحليف اليمني على الصمود من دون أن يدروا أن خطة تحرير اليمن من الوباء «الحوثي» وضعت في وقت سابق وربما قبل شهور، وكان الانتظار الطويل قراراً استراتيجياً بالضرورة. وتحت ضغط الحاجة للحفاظ على أرواح الأبرياء من جانب والحفاظ على تقدير الحلفاء الذين ظلوا يصرون على أن «الحوثيين» سيجنحون للسلم، ويرضون بحل شجاع. وكنا نردد مع كل جولة محادثات بأن «الحوثيين» في هذا السياق أجبن الجبناء، فلا هم يقاتلون بشرف، ويكفي مشاهد إجبار الأطفال على حمل السلاح، ولا هم يلتزمون العهود والمواثيق ويكفي أنهم عمدوا إلى نقض كل الاتفاقيات التي أبرموها بمعرفة المندوبين الدوليين الثلاثة، بحيث ثبت بالأدلة القاطعة أنهم كانوا في خط مباشر مع طهران يأتمرون بأمرها، ويرفضون لرفضها، ولا يدركون أن ربيبتهم تعاني من سكرات الموت، وأن العد التنازلي أضحى بالساعات والنهاية المحتومة لها بالمرصاد.
فما هو الموقف الآن في جبهات القتال؟ وما المآلات المنتظرة في الأيام القليلة المقبلة؟
كل الشواهد تؤكد أن مصير "الحوثيين" الآن يقتصر على تجرع الهزيمة، ومصير إيران قد يكون أبلغ من الهزيمة. الكل يسلم بأن العصر الإيراني إلى زوال. والخبراء الأميركيون يضعون سيناريوهات مزدوجة. فإما أن يتآكل النظام من الداخل ويسقط سقوطاً مدوياً كما حدث لنظام الشاة. وأما أن تنكمش إيران إلى حجمها الطبيعي، وتتحلل عن التزاماتها التي قطعتها لعملائها في العراق وسوريا ولبنان واليمن، وتتركهم مكرهة في حيرة لا يدرون ما يفعلون، وتترك إيران سياسة الصلف ومحاولات الهيمنة على الشعوب العربية، وهو الاحتمال الأضعف، فالشعب الإيراني يغلي ولن ينفع إيران «الباسيج» ولا الحرس الثوري أو السافاك. ونحن جيران وعلى مقربة من إيران وسوف نكون أول من يعلم بحجم الكارثة التي تحيق بنظام الملالي.
اليمن سيكون الأكثر سعادة بزوال «الحوثيين» وزوال الخطر أو بالأحرى التهديد الإيراني لمستقبله. اشتدي أزمة تنفرجي، ورب أزمة تفتح أبواب الفرج. فالخطر الإيراني الذي ظهر بوضوح عبر دعم «الحوثيين» ومن ثم انقلابهم على الحكومة الشرعية، لفت الانتباه إلى أهمية اليمن الاستراتيجية لدول الخليج العربية، وأيضاً أهمية منع أي تدخلات في الخاصرة الجنوبية لشبه الجزيرة العربية. كما أن التمرد «الحوثي» المدعوم إيرانياً وما تلاه من طلب الحكومة اليمنية الشرعية المساعدة، استدعى قيام التحالف السعودي- الإماراتي بالتحرك لقطع الطريق على مؤامرة بيع اليمن. ولولا جهود هذا التحالف المظفر، وتدخل الإمارات في الوقت المناسب وتحريرها بالتعاون مع المقاومة الجنوبية عدن والمخا والُحديدة الآن، لما حاقت بـ«الحوثيين» الهزيمة، فالهدف هو تحرير اليمن من الانقلابيين، وتأكيد عروبته كي يشاطر أخوانه في الخليج هواجس الأمن والاستقرار في المنطقة.
سئلت بإلحاح من قبل الكثيرين من أبناء الإمارات عن الاحتمالات. والرد الطبيعي «إن تحرير الُحديدة وشيك»، والعدو «الحوثي» سيجد نفسه يبحث عن مقر نهائي ومنفى لمدى الحياة وحينها لن يجد إلا أرض فارس لا بديل.