احتمال أن ينتخب مندوبو «مؤتمر الحزب الديمقراطي» المجتمِعون في يوليو 2020، بقاعة «فايسرف فورم» في ميلوكي (ولاية ويسكونسن)، رجلاً من مقاطعة «كولومبيا العظيمة» يدعى كولبرت كينج، كمرشحهم للانتخابات الرئاسية الأميركية، منعدمٌ ويعادل الصفر.
وطبعاً هناك درجة معقولة من اليقين بأن المصير نفسه ينتظر المرشحين «الديمقراطيين»: بيل دي بلازيو، وجون ديلاني، وجوليان كاسترو، وتولسي جابارد، وجاي إينسلي، وتيم ريان، وماسكل إف. بينيت، وكرستن جيليبراند، وجون هيكنلوبر، وإيريك سوالويل، وماريان وليامسون، وآندرو يانغ. غير أن الفرق بينهم وبيني هو أنني لا أنوي إضاعة الوقت أو المال أو التفكير على تلك النتيجة المعروفة سلفاً.
والأسبوع المقبل في ميامي، سيبدّد هؤلاء «الديمقراطيون» الطامحون للترشح للرئاسيات باسم الحزب جهودهم في ما توصف بأنها أول مناظرات «ديمقراطية» رئاسية تمهيدية. مناظرات أشبه في الحقيقة بتجربة أداء مفتوحة في وجه الجميع، حيث يسعى المتنافسون- قدر المستطاع- إلى تمييز أنفسهم عن بقية المرشحين. فحظاً موفقاً للجميع!
بيد أن مجرد حجم المتنافسين المفتقرين للتنافسية يمثل إلهاءً لا يملك «الديمقراطيون» ترف تحمله، بالنظر إلى جسامة الكارثة التي أمامنا. ولهذا، فإن كل الكلام «الديمقراطي» حول تنظيم ثورة سياسية، وخلخلة بنية السلطة، ومحاربة قطاع الوقود الأحفوري، ومواجهة «وول ستريت»، والتصدي لنخبة مديري الشركات. كل ذلك ينبغي أن يترجم إلى بناء جهاز حملة رئاسية يستطيع دعم المرشح الأنسب والأقدر على فعل شيء ما، بخصوص ما يحدث الآن، ذلك أن بلدنا في وضع سيئ، ويوم الاقتراع 2020 يستوجب التركيز.
ولهذا، يجدر ببيل دي بلازيو وتولسي جابارد والآخرين أن يستثمروا القليل الذي استطاعوا جمعه من المال والمتطوعين في تنظيم الناخبين وحشدهم وتعبئتهم في الولايات الحاسمة، حيث ستُكسب الرئاسة أو تُخسر.
ولهذا أيضاً، ينبغي أن تركز الحملة على إنقاذ وإصلاح ما حاول الرئيس دونالد ترامب سحقه في ظرف سنتين. فبدهاء حط ترامب من قدر المؤسسات الديمقراطية، وأجج مشاعر العداء ضد المهاجرين والمسلمين، وأسعد أعداء الأشخاص الملونين، وعزل الولايات المتحدة عن حلفائها.
وفي الأثناء، حطّم قانون «داكا»، الذي يوفر الحماية للمهاجرين القاصرين الذين دخلوا البلاد بطريقة غير شرعية حينما كانوا أطفالاً، مُزيلاً بذلك الحماية التي كان يتمتع بها قرابة 800 ألف شخص من الترحيل، وغادر اتفاق باريس للمناخ، وانسحب من اتفاقية «الشراكة العابرة للمحيط الهادئ»، ووسّع عمليات الحفر والتنقيب عن النفط والغاز في القطب الشمالي والمحيط الأطلسي. وعلاوة على ذلك، قلّل ترامب من أهمية التنوع والإدماج، حيث اختار إبطال وثائق إدارة أوباما الرامية إلى منح المدارس توجيهات بشأن تبني برامج «التمييز الإيجابي». وهذا الأسبوع فقط، عمدت وكالة حماية البيئة التي تشرف عليها إدارته إلى إلغاء سياسات بيئية، قصد السماح لقطاع الطاقة بخفض مستويات انبعاثات الكربون بأقل من نصف ما تشير تقديرات الخبراء إلى أنه ضروري من أجل تفادي احتباس حراري كارثي.
وعليه، فإن «الديمقراطيين» لا يملكون ترف الانخراط في أشهر من الاقتتال الداخلي الذي ينتهي بالإضرار بالمرشحين الأكثر قابلية للانتخاب ضد ترامب، ذلك أن آخر شيء يحتاجونه هو مرشح منهك خائر القوى يدخل حلبة الانتخابات العامة وهو يعرج، ذلك أن انتخابات 2020 لا تتعلق بآراء متنافسة حول مستقبل الولايات المتحدة، وإنما بتغيير سياسات خطيرة انتهجها البيت الأبيض – وهي مهمة غير يسيرة. والواقع أن امتعاض ونفور المنتقدين المبرر من ترامب، وتطلعهم إلى هزمه، لا يضاهيه إلا ولاء أنصاره ورغبتهم في الإبقاء عليه حيث هو الآن. فبالنسبة لهم، ترامب هو أكثر من مجرد رئيس للجهاز التنفيذي، إنه كل ما يحول بينهم وبين القوى غير الوطنية وغير المسيحية وغير البيضاء، التي تحاول السيطرة على البلاد - كما يعتقدون.
وكل هذا يَعِد بأن الحملة الرئاسية المقبلة ستكون المعركة الأكثر شراسة، بالنسبة للبيت الأبيض، في تاريخ الولايات المتحدة الحديث، حيث سيسعى ترامب وقواته إلى تركيع «الديمقراطيين». وخلاصة القول، إن مندوبي مؤتمر الحزب «الديمقراطي» يواجهون أمراً خطيراً للغاية الصيف المقبل. وينبغي على زعماء الحزب الذين يتولون تنظيم موسم الانتخابات التمهيدية وتوجيهه أن يتصرفوا على هذا الأساس.
*كاتب أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»