أخيراً تم الإفراج عن مسودة «صفقة القرن» حتى لا يتم الجدل حولها على أساس أنها أساطير إعلامية ليس فيها من المصداقية السياسية شيء. نقول أيضاً أمراً في غاية الأهمية السياسية، وهو أن أي مسودة قابلة للتعديل مرات عديدة وفق مستجدات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط غير المستقرة على حال واحدة ما دامت «الفوضى الخلاقة» لم تغادر أروقتها.
فحديثنا هنا سينصب على ما وقع بين أيدينا مما سرب من هذه «المسودة» الأولية، والمستجدات أو الإضافات والتغييرات اللاحقة نتركها لحينها.
نحيل المهتمين إلى تفاصيل هذه «الصفقة» التي أصبحت معلنة رسميا بعد أن نشر «البيت الأبيض» على موقعه الإلكتروني نسخة كاملة باللغة العربية (40 صفحة) من الخطة الاقتصادية الخاصة بتصور الإدارة الأميركية للسلام في الشرق الأوسط، تحت عنوان «من السلام إلى الازدهار، رؤية جديدة للشعب الفلسطيني»
ومن الجدير أن نصغي مباشرة لمهندس هذه الخطة «كوشنر» وقد صرح في يوم الأربعاء قبل الماضي إن ترامب «معجب جداً» بعباس، ومستعد للتواصل معه في الوقت المناسب بخصوص اقتراح أميركي للسلام.
وألمح «كوشنر» أيضاً إلى أن خطة السلام الأميركية قد تدعو إلى توطين دائم للاجئين الفلسطينيين في الأماكن التي يقيمون فيها بدلا من عودتهم إلى أراضٍ أصبحت الآن في دولة إسرائيل. وبعد أن أعلن ترامب ترشحه رسميا لولاية ثانية قال: إن الفلسطينيين والإسرائيليين لن يتوصلوا إلى اتفاق سلام بينهما، إلا في ظل ولايته كرئيس للولايات المتحدة.
وأضاف أيضاً «إن الفلسطينيين يسعون إلى اتفاق لكن يريدون أن يكونوا لطيفين بعض الشيء وهذا أمر جيد». صرح «ترامب» بذلك خلال مؤتمر صحفي في نهاية قمة مجموعة العشرين في اليابان، بعد أيام من كشف «كوشنر» عن الجوانب الاقتصادية لخطة السلام الأميركية في مؤتمر البحرين. في حين الأرض الفلسطينية تنطق بعكس الخطة المقترحة لإحلال السلام وبناء عليه دعت الهيئة الوطنية الفلسطينية العليا لمسيرات العودة وكسر الحصار، يوم الجمعة الماضي، عباس، للقدوم إلى قطاع غزة.
وقالت الهيئة في رسالة وجهتها بختام فعاليات الجمعة الـ65 من مسيرات العودة شرق غزة: «ندعو عباس، للقدوم إلى غزة، وعقد الإطار القيادي المؤقت، لوضع حد للانقسام واستعادة الوحدة ومواجهة المؤامرة».
فالمطبخ «الحمساوي» يركض ويصرخ بأعلى صوته على المصالحة. وها هو فتحي قرعاوي القيادي في حركة «حماس»، قد طالب يوم الأربعاء قبل الماضي بضرورة تغيير طواقم المفاوضات العاملة في ملف المصالحة، وأن يكون هناك طواقم صادقة جديدة، تسعى لإحلال الاستقرار الداخلي، يهمها بالدرجة الأولى مصلحة الشعب الفلسطيني، وفق تعبيره.
وقال في تصريح له، إن «هناك عقلاء من طرفي الانقسام، يمكن أن يرفعوا الراية ويقولوا تعالوا إلى كلمة سواء، فالتنازل من طرف للآخر لا يعد تنازلا إذا كان في المصلحة العامة».
وأضاف أنه «لا بد أن يكون لأي طرف الاستعداد للتنازل للطرف الآخر بغض النظر عن ضغوط الأطراف الدولية أو الإقليمية، لأن هناك أطرافًا دولية تضغط لعدم تنفيذ المصالحة الفلسطينية، وبالتالي يجب أن نلتقي ونجلس حتى دون وسطاء، وبأي بلد».
لماذا هذا الحماس غير المنضبط من «حماس» للمصالحة والبكاء عل مصلحة الشعب الفلسطيني عندما اقتربت فأس «كوشنر» من الرأس الفلسطيني الذي تسببت بشقه نصفين غير متساويين.
هذا بالتوازي الرئاسة الفلسطينية ترد على ترامب: لا يستطيع أحد إجبارنا على التنازل.
وكان للقضية الفلسطينية نصيباً يسيراً في قمة G20 حين أشار ترامب سريعاً إلى «صفقة القرن» عندما قال: بأن «الصفقة» قد تكون الأكثر صعوبة في العالم لكن من الممكن إنجازها وقد أوقفت المساعدات عن الفلسطينيين بعد أن سمعت «أشياء لا تروق لي».
ويكفي أن أنهي بالبند الأول لتلك المسودة من باب فتح الشهية السياسية للمهتم، ويتضمن التالي: (يتم توقيع اتفاق ثلاثي بين إسرائيل ومنظمة التحرير و«حماس» وتقام دولة فلسطينية يطلق عليها «فلسطين الجديدة» على أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة من دون المستوطنات اليهودية القائمة).
*كاتب إماراتي