يزور صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، العاصمة الصينية بكين، ويبحث سموه مع الرئيس الصيني «شي جين بينغ»، تعزيز علاقات الصداقة وتطوير التعاون الاستراتيجي الشامل بين البلدين في مختلف المجالات، إضافة إلى القضايا الإقليمية والدولية، وتحديداً ما يتصل منها بأمن الخليج والممرات المائية الدولية كمنافذ حيوية للتجارة البحرية ولإمدادات النفط العالمية، ومجمل التهديدات التي تواجه حرية الملاحة في هذه الممرات وتعرضها للخطر. وعلى الصعيد الاقتصادي، ستكون الزيارة فرصة مناسبة لتقييم ما تم إنجازه بين الإمارات والصين في 13 قطاعاً تعنى بها اللجنة الاقتصادية الإماراتية الصينية المشتركة.
وتمثل زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، مُواصَلَةً لزيارة أخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، في 26 أبريل 2019، خلال مشاركة سموه في منتدى «الحزام والطريق» في بكين.
وهذه الزيارات تمثل استمراراً لنهج الزيارة التاريخية الأولى التي قام بها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان إلى بكين في 5 مايو 1990، وكان لي شرف المشاركة في ترتيبها، بصفتي القائم بالأعمال بالنيابة آنذاك في بكين. وكذلك، موافقة سموه على مقترحي بإنشاء مركز الشيخ زايد للدراسات العربية والإسلامية في جامعة الدراسات الأجنبية في بكين، وإهداء مطبعة لطباعة الكتب لجمعية المسلمين، مما كان له الأثر الطيب في نفسي وفي نفوس المسلمين الصينيين. بعدئذ قامت سفارتنا في بكين بإنجاز أول عمل خليجي من نوعه هناك، حيث قامت بطباعة كتابين عن الشيخ زايد ودولة الإمارات باللغة الصينية. وقد تركت تلك الزيارة التاريخية للشيخ زايد أطيب الأثر لدى الشعب الصيني.
وكانت حصيلة زيارة الرئيس الصيني «شي جين بينغ» لدولة الإمارات، في مثل هذه الأيام من العام الماضي، التوقيع على 13 اتفاقية ومذكرة تفاهم، شملت مختلف المجالات. ويمكن لدولة الإمارات الاستفادة من عدة مجالات تتمتع فيها الصين بتفوق نوعي، مثل مجال الأبحاث والتطوير الذي كان أحد المسرّعات التي دفعت بصعود الصين وخاصة في مجالي التكنولوجيا المتطورة والذكاء الاصطناعي، لاسيما في ضوء الرؤية التي أعلن عنها الرئيس «شي جين بينغ» لتحويل بلاده خلال العقود الثلاثة المقبلة إلى قوة عظمى في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والبيئية.
ووفقاً للبيانات والإحصاءات، فإن الصين تحتل حالياً المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة في الإنفاق على الأبحاث والتطوير، وسوف تحتل المرتبة الأولى من حيث ميزانيتها للأبحاث والتطوير وزيادة عدد الطلاب الذين يدرسون العلوم والتكنولوجيا والهندسة.. وهو مؤشر لقياس القدرات المستقبلية للاقتصاد في مجال الابتكار والتطور التكنولوجي. وتستطيع الإمارات الاستفادة من هذه الخبرات واستنباتها عن طريق تأسيس المراكز البحثية العلمية والتكنولوجية المتخصصة.
رصيد العلاقات بين البلدين يشير في المجال التجاري إلى نحو257 مليار درهم، وإلى وجود شركات إماراتية تستثمر في الصين، وإلى دخول الصين مرحلة جديدة في مجال الصناعة البترولية من خلال شركة أبوظبي «أدكو» ومشاركتها في استثمار حقل «مندر» النفطي بعقد قيمته 334 مليون دولار.
وفي ضوء صعود الصين ونموها الاقتصادي الهائل، يمكن الاستفادة من مقارباتها ومن دعمها على المستوى الثنائي، وفي القضايا العربية المحورية، الإقليمي منها والدولي، لاسيما أن الصين عضو دائم في مجلس الأمن الدولي، وهي معنية بالأمن والاستقرار العالميين، وكان لتصويتها أهميته الكبيرة في عام 2015 حين أيدت قراراً بمنع السلاح عن الحوثيين.
*سفير سابق