رسمت دولة الإمارات العربية المتحدة خططها الاستراتيجية المستقبلية، انطلاقاً من الانتقال إلى اقتصاد قائم على المعرفة والتنافسية - في ظل توجهاتها نحو تنويع اقتصادها وجعله قائماً على المعرفة والابتكار، وفي سعيها إلى التعامل مع التحولات التي يشهدها العالم تكنولوجياً ومعرفياً- عبر تشجيع الابتكار والبحث والتطوير، وخاصة إزاء كل ما من شأنه مواكبة التقدم التكنولوجي والتقني الهائل، والاستخدام الأمثل لتقنيات الذكاء الاصطناعي والثورة الصناعية الرابعة، الأمر الذي أوصلها لترسيخ مكانة متقدمة لها في مؤشرات التنافسية الرقمية وإنترنت الأشياء.
وفي شهادة جديدة على التطور الرقمي والمعرفي والتكنولوجي في الدولة، وانتقالها إلى نموذج يحتذى به عالمياً في هذا الشأن، صنفت وحدة «بلومبيرغ إن إي إف» التابعة لوكالة بلومبيرغ للأنباء دولة الإمارات، في المركز الـ16 عالمياً على مؤشر الرقمنة الصناعية لعام 2019، حصلت فيه الدولة على نقاط متقدمة في معايير المؤشر كافة، وهي سهولة ممارسة الأعمال، ووفرة تقنية الجيل الرابع للاتصالات، ومعايير الشراكة والنشاط والقيمة الصناعية المضافة وسياسة الذكاء الاصطناعي، ومعيار الابتكار وسياسة الصناعة الرقمية، نتيجة انتهاج الحكومة لسياسات تهدف إلى نشر مفهوم وتطبيقات الرقمنة في الصناعة، وتشجيع القطاع الخاص على تَبنّي أحدث التقنيات الرقمية الحديثة، وهي تقنية المعاملات الرقمية «بلوك تشين»، في العديد من القطاعات، وأبرزها قطاع الخدمات اللوجستية والموانئ.
وفي الشأن نفسه، وتأكيداً لحصول الدولة على مراكز متقدمة في مؤشرات التنافسية العالمية والابتكار وريادة الأعمال القائمة على التكنولوجيا والمعرفة، تصدرت إمارة دبي، ودولة الإمارات على وجه العموم، قائمة أسرع أسواق التجارة الإلكترونية نمواً وتطوراً على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث أظهر تقرير «تجارة الإمارات الإلكترونية» الصادر عن «اقتصادية دبي»، و«فيزا» أن دولة الإمارات بلغت مرحلة النضج من جانب المستهلكين والتجار على حد سواء، نتيجة الابتكارات المتواصلة في مجال التبني الرقمي، وتزايد أعداد المستهلكين المهتمين بالتكنولوجيا، ووجود البيئة الملائمة لنمو الشركات الناشئة، وتبني آليات مدفوعات التجارة الإلكترونية على المنصات، وأبرزها في قطاعي مطاعم الخدمة السريعة والنقل، وتوقع التقرير وصول حجم التجارة الإلكترونية في الدولة إلى 59 مليار درهم في العام الجاري، وتحقيق متوسط نمو سنوي، بنسبة 23%، ??خلال الفترة من عام 2018 حتى عام 2022.
إن التقدم والنمو اللذين حققتهما دولة الإمارات في مجال التطور الرقمي والتجارة الإلكترونية، جاءا بفضل استراتيجياتها القائمة على تحفيز القطاعات التي تتبنى النظم والتقنيات المتطورة، وتسهيل مزاولة الأعمال القائمة على التكنولوجيا الرقمية، وفق إجراءات رقابية تعزز من ثقة المستهلكين بالتعاملات المالية الآمنة، وذلك كله مدعوم بانتشار الإنترنت على نحو هائل في الدولة، وتوافر البنية التحتية الرقمية المتقدمة، وتبني الحلول التي تعتمد على التكنولوجيا، وبما يعزز التنمية المستدامة وتنافسية الأعمال.
لقد عززت دولة الإمارات من دعم القطاعات الرقمية واستخدامات إنترنت الأشياء في مؤسساتها كافة، وفق معايير راسخة تقوم على الراحة والأمان، وخاصة في مجالات تبني التعاملات الرقمية في شتى ميادين الأعمال، ففي يوليو الجاري، أكدت المجلة البريطانية «انفورميشن إيدج» أن دولة الإمارات كانت من السبّاقين عالمياً في إدراك أهمية تقنية إنترنت الأشياء في تطوير المدن على نحو أكثر حداثة وذكاءً واستدامة، كما كانت من أوائل الدول في العالم، في اللجوء إلى حلول هذه التقنية داخل مدنها، كأبوظبي ودبي، وهما اللتان تتمتعان بإمكانيات ذكية مدعومة بتقنية إنترنت الأشياء، في العديد من المجالات، من أبرزها سلامة البنايات والمنشآت، وجودة الهواء، والبنايات الذكية، والصف الذكي للسيارات، وغيرها، إلى أن أصبحت دولة الإمارات من أهم المنافسين عالمياً في عملية التحوّل الرقمي وتوظيف تقنيات الأتمتة، والتطبيقات التكنولوجية المستقبلية.
*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.