الرئيس دونالد ترامب لا يبدي استخفافاً بالناس الذين يروقنه والذين يشبهونه، بل ينتبه لتصرفاته معهم، ويبدي لهم الاحترام. وبسبب إخلاصهم له، يستحقون مديحه الذي يغدقه عليهم، إن بينهم أرضية مشتركة، وتشير صحيفة «واشنطن بوست» وبعض منافذ الأنباء الرئيسية الأخرى إليهم بأنهم «الناخبون البيض من الطبقة العاملة» و«قاعدة ترامب»، والأشخاص الذين «يشعرون أنه تم التخلي عنهم رغم قوة الاقتصاد»، وأنهم «الجمهوريون البيض» و«المؤيدون حتى الرمق الأخير لترامب». وصفة البياض مشتركة بينهم، وما يكرهونه مشترك بينهم أيضاً.
يروقهم أن يتجاوز ترامب الخطوط المحظورة، ويشن هجماته ضد السود وداكني البشرة، ولغة ترامب العنصرية الصريحة لها وقع الموسيقى في آذانهم، ووسائل الإعلام الرئيسية تصف خطاب ترامب بأنه «شقاقي»، وهذا يوحي بأن ترامب يلجأ للكلمات التي تفصم الوحدة، وأنه يحاول أن يتسبب في الخلاف، لكن هذا الوصف خاطئ، الاغتراب والعداء العرقيان موجودان بالفعل وتياراتهما تضطرم تحت السطح، وترامب يستغل الانقسامات فحسب، وهذا يساعدنا في تفسير عدم تصدي ترامب للهتافات الكارهة للأجانب في اجتماعه في نورث كارولاينا. وهذا يفسر أيضاً أنه لم يخص بالذكر، ولم يدن المؤمنين بتفوق البيض في تعليقاته الأولى بشأن ما حدث في تشارلوتسفيل بولاية فيرجينيا التي هتف فيها هؤلاء العنصريون بشعارات عنصرية ومعادية للسامية وفتحوا الباب للشجار والضرب، إنهم ينجذبون إلى ترامب في نظرتهم الاستعلائية لغير البيض.
وهذا يساعد في تفسير إطلاق الأوصاف الذميمة ضد أكثر من 700 ألف شخص يعيشون في الدائرة الانتخابية السابعة من ولاية ماريلاند، من بينهم جانب كبير من الغالبية السوداء من السكان في بالتيمور. فقد كتب ترامب تغريدة، يصف فيها المكان الذي يعيش فيه هؤلاء المواطنون بأنه «فوضى موبوءة بالجرذان والقوارض». ووصف مدينتهم بأنها «مكان خطير وقذر للغاية، وأخطر مكان في الولايات المتحدة»، ووصف بالتيمور التي يعتبرها بعض الأميركيين وطنهم بأنه مكان «لا يرغب كائن بشري العيش فيه»، وهذه هي الطريقة التي رآهم بها الرئيس.
وحملة ترامب ضد النائب «الديمقراطي» إيليا كمينجز، وهو عضو بارز أسود في الكونجرس عن ولاية ماريلاند، تنظر إليها بعض دوائر المحافظين باعتبارها معركة أيديولوجية بشأن سياسات الهجرة بين سياسيين من حزبين مختلفين، نابعة من السجال في وجهات النظر بشأن الجدران الحدودية، ونحن نعلم السبب الذي جعل ترامب يستخدم كلمة «موبوءة»، حين يشير إلى مناطق ينحدر منها السود وداكنو البشرة.
لذا دعنا نتوقف عن كل كتابة صحفية، تتحدث عن كينونة ترامب وما يمثله، لقد قدم ترامب لأميركا سياسات من الممكن أن تحدث لو أن «ستروم ثارموند» داعية العزل العرقي من ولاية ساوث كارولاينا فاز بالانتخابات الرئاسية عام 1948، وهذا ما يمكن اعتباره من أسوأ كوابيس الديمقراطية الأميركية.
*صحفي أميركي حائز على جائزة بوليتزر.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»