يُقال في التاريخ بأن الشخصيات العظيمة هي التي تتلقى ظهورها الكثير من سهام الغدر عندما لا يستطيع الخصوم مواجهتها وكذلك الحال بالنسبة للدول العظيمة، فالمملكة العربية السعودية ليست استثناء من ذلك.
فالمملكة في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز، وضعت أمامها رؤية طموحة. فبعظم الدول تكبر التحديات وهي مجسات الاختبار لتحقيق نقاط مضيئة تنبع من رحم الصعوبات التي تجبر المتربصين بها من أعداء النجاح، على أن يقفوا مندهشين من ذلك وأفواههم فاغرة وفارغة.
سأبدأ بالمرأة السعودية، لأنها هي التي ستحدث الفرق المطلوب للسعودية الشابة والمتمثلة في عقل وبصيرة ولي عهدها الذي يكرّس جل جهده من أجل تحقيق الرؤية المنشودة لعقود المستقبل المنظور.
فالمرأة في السعودية قبل أكثر من قرن من عمر المملكة كانت غير فاعلة في معادلة التنمية والتغيير، أما في عهد الملك سلمان، فيراد منها أن تقود وتشارك الرجل دفة التغيير.
هذه فرصة التنمية والتطوير في السعودية، بوضع المرأة في مكانها الصحيح في سلم التقدم الذي غابت عنه لعقود طويلة.
لقد بادرت المملكة بخطوتها الجريئة والمناسبة لضرورة المرحلة عندما اختارت الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان سفيرة للسعودية في الولايات المتحدة الأميركية الدولة العظمى الأولى في العالم.
من المؤكد أنه لم يتم اختيارها لهذا المنصب الحساس والأهم في أميركا اعتباطاً، فتلك مهمة كبيرة على مستوى العمل الدبلوماسي.
لقد جاءت الأميرة ريما من خلفية سياسية قوية فوالدها بندر قضى عشرين عاماً من عمره في حماية مصالح المملكة والدفاع عنها من تحت جناح رائد العمل الدبلوماسي في الخليج المرحوم سعود الفيصل.
وقد تخرجت من جامعة جورج واشنطن وتقلدت مهام الرياضة النسائية، ودخلت موسوعة «جينيس» لمساهمتها في دفع سرطان الثدي عن النساء بعيداً، وبلغت سلسلة أقوى 200 امرأة على مستوى العالم حسب ما ورد في دورية «فورن بوليسي».
ولسنا هنا في صدد سرد السيرة الذاتية للأميرة ريما، بل للدلالة على حيوية المجتمع السعودي، فيكفي من ذلك أن لديها من المبتعثين ما يوازي عدد سكان بعض الدول في العالم، وهم العامل الحاسم في التغيير المقبل في المملكة الصاعدة، والأميرة السفيرة من ذات الجيل الواعد.
وصلت الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان واشنطن لتباشر مهامها كسفيرة للمملكة لدى الولايات المتحدة وترامب يستقبلها في البيت الأبيض، ويتسلم أوراق اعتمادها.
ولقد غرد معالي الدكتور أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية، عبر حسابه على «تويتر» احتفاء بها، قائلاً: تمنياتنا بالتوفيق للأميرة ريما بنت بندر سفيرة المملكة العربية السعودية في مهمتها، حضورها وثقافتها ومنطقها محل التقدير والثناء، وتمثيل سياسة المملكة وتوجهاتها الوسطية والمعتدلة في واشنطن ضروري للمملكة وللمنطقة.
الرؤية الجديدة للمملكة جعلت للمرأة دوراً تقوم به لصالح الوطن أينما وضعت. ففي المملكة اليوم أقمار من النساء وكواكب من الرجال يجتهدون من أجل تحقيق رؤية القيادة المستشرفة للمستقبل المنظور والبعيد وبأدوات العصر وتكنولوجيا الزمن الحاضر والفكر النير المفعم بالأمل والطموح نحو المعالي والمعاني السامية.
لقد تحرك قطار مستقبل المملكة ولا يعرقله القيل والقال ولا كثرة السؤال، ولكن بصيرة عيون الأجيال هي التي ستقود المسيرة وترفع الشعلة وتضيء الشمعة وتدع الآخرين يقفون عند لعن الظلام.
*كاتب إماراتي