في أحلك ساعات العالم وعشية الحرب العالمية الثانية، أقدم عملاقا الصناعة، هنري كايزر ووليام نودسن، على صناعة سفن ومركبات شحن وعتاد الحرب. وقد ساعد عملهما السريع في إنقاذ أوروبا وربما العالم الحر. والآن تتعرض الولايات المتحدة وقيمها لتهديد من حرب خاطفة جديدة، هذه المرة مع مقاتلي الحرب الرقمية الروس. فأين هم ورثة نودسن وكايزر؟ أين قادة التكنولوجيا لهذا العصر الذين يمكنهم القيام بما لا تستطيعه الحكومة أثناء الأزمات؟
الديمقراطية الأميركية معرضة لهجوم متواصل من روسيا، كما أكد تقرير مولر وتقرير مجلس الشيوخ الصادر بشأن التدخل الروسي. لكن كلا التقريرين لم يقترحا استجابة فعالة. والمخاطر على أعلى ما يكون. فالهجوم الروسي الشامل والمستمر الذي بدأ عام 2014، مسح بشكل منهجي أنظمة الانتخابات داخل كل الولايات الخمسين، وامتد من «فيسبوك» إلى قواعد بيانات الناخبين في الولايات والمقاطعات. ومن شبه المؤكد أن هدف روسيا هو عملية تشويه هائلة لانتخاباتنا الرئاسية لعام 2020.
وهذا أسوأ وقت يقع فيه الهجوم. فسياساتنا استقطابية والكونجرس يشهد حالة تأزم، ولدينا رئيس وزعيم أغلبية في مجلس الشيوخ، إما أنهما ينكران أو يتجاهلان الهجمات الروسية. وذكر تقرير لوكالة اسوشيتدبرس أن الغالبية العظمى من دوائرنا الانتخابية التي تزيد على 10 آلاف دائرة تعمل ببرنامج ويندوز7. وفي يناير 2020، ستتوقف مايكروسوفت عن تقديم تحديث أمني تلقائي لنظام التشغيل العتيق. ولن تفكر شركة كبيرة في إدارة أنظمة حيوية من خلاله. ومعايير التأكد الآلي من هوية المصوتين ستكون بمثابة فوضى، لأنها تعود لعام 2005. لذلك أصبحت أنظمتنا الانتخابية هدفاً سهلاً في مسرح الحرب الرقمية الحالية.
والجيد في الأمر أنه مازال لدينا الوقت والقدرة التكنولوجية لمواجهة الهجمات الروسية الرقمية في انتخاباتنا لعام 2020. لكن هذه الموارد ليست داخل الحكومة. وأفضل أمل لدينا هو أن يتقدم البديل المعاصر لكايزر ونودسن. نحتاج أن يقدم ساتيا ناديلا من «مايكروسوفت» للقائمين على أنظمة تشغيل الانتخابات المحلية وعلى مستوى الولايات تحديثاً مجانياً لويندز 10. ونحتاج إلى أن يبني إيلون ماسك خدمات دفاع ذكاء اصطناعي متاحة لفريق محلي من تكنولوجيا المعلومات. ونحتاج أن تقدم شركات «سيسكو» و«أوراكل» و«أي. بي. إم.» خدمات استشارات أمنية مجانية. ونحتاج من شركة «سيمانتك» و«فايرأي» و«سنتنيل وان» أن تقدم خدمات مجانية رقمية على الإنترنت. ونحتاج إلى شركة «انتل» وشركات أخرى من منتجي الرقائق الإلكترونية أن تجعل نظامنا الانتخابي يستخدم أحدث معالجاتهم وأكثرها أماناً.
وإذا التزمت شركات التكنولوجيا الأميركية بتحديث أنظمتنا للتصويت بالطريقة التي التزم بها هنري كايزر ببناء سفن ليبرتي، فسنتمكن بسهولة من إلحاق الهزيمة بروسيا في حربها الرقمية، وسنضمن انتخابات حرة ونزيهة عام 2020. وإذا لم نفعل، فإن روسيا ستحقق هدفها النهائي وهو تشويه الديمقراطية الأميركية والانتقاص منها. وبخلاف الواجب الوطني، لماذا يتعين على زعماء شركات التكنولوجيا الأميركية تقديم عمل كهذا؟ إنهم يعلمون أنهم بحاجة إلى تعديل التصور العام عن شركات التكنولوجيا، وإلى أن يُنظر إليهم باعتبارهم أخياراً مرة أخرى.
ويستطيع زعماء شركات التكنولوجيا البدء فوراً في العمل مع المسؤولين على مستوى المقاطعات والولايات لإجراء تقييم للخطورة، وتثبيت منصات كمبيوترية آمنة، وتقديم تدريب لفِرق العمل.. إلخ. وهذا النوع من الحماية والدعم لنظامنا الانتخابي سيساهم في صمود ديمقراطيتنا. ولا توجد سابقة لمثل هذا الدعم في تكنولوجيا المعلومات للحكومات المحلية لتسترشد به شركات التكنولوجيا، لكن كايزر لم يكن لديه سابقة يسترشد بها حين وافق على الدفاع عن أميركا. والآن حان وقت زعماء التكنولوجيا كي يتقدموا للمساعدة هم أيضاً.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»