ضمن استعراض القوة العسكرية الذي أقيم قبل بضعة أيام بمناسبة الذكرى السبعين لتدشين جمهورية الصين الشعبية، كان أحد أبرز الأسلحة التي تم استعراضها عبر ساحة تياننمان في بكين صاروخ «الطائرة الشراعية» فائق السرعة. وربما يزيد استعراض 16 صاروخا من طراز «دي إف 17» (أو ربما نماذج للصواريخ الحقيقية)، التي عرضت على الجمهور لأول مرة، من قلق الولايات المتحدة بشأن اختلال التوازن العسكري.
والأكيد أن صاروخ «دي إف 17» سلاح قوي، ويمكن تسليحه برأس حربية تقليدية، مثلما سيحدث، وفق المعلق في الاستعراض الذين أقيم في بكين. الصاروخ يتألف من قذيفة تطلق طائرة شراعية، بسرعة تفوق سرعة الصوت بأكثر من خمس مرات (وهذا ما تعنيه كلمة «فوق صوتية»). وتقدِّر أجهزة الاستخبارات الأميركية مدى الصاروخ بما يتراوح بين 1770 كيلومتراً و2495 كيلومتراً، وقد وصفته وسائل الإعلام الصينية بأنه قادر على القيام بـ«ضربات دقيقة».
بيد أن السؤال المهم ليس هو ما إن كان صاروخ «دي إف 17» يطرح خطرا بالنسبة للقوات الأميركية وقوات التحالف في غرب المحيط الهادي. فهو يطرحه بالفعل. ولكن الأفضل هو أن نسأل ما إن كان «دي إف 17» يُعزز الترسانة الصينية الهائلة من الأسلحة الحالية، وخاصة قوتها التي تتراوح ما بين 900 و1950 صاروخا باليستيا، ومعظمها مزود بأسلحة تقليدية، بمدى دون 2977 كيلومترا.
وعلاوة على ذلك، فإن الطائرات «فوق الصوتية» أقل سرعة مقارنة مع الصواريخ الباليستية من نفس المدى. فالصواريخ الباليستية تُدفع أيضا إلى السرعة العالية بوساطة قذائف كبيرة، قبل الهبوط عبر الفضاء إلى الأرض على شكل قوس. وبالمقابل، فإن هذا النوع من الطائرة الشراعية تمضي معظم مسارها في الجو، مستخدمة رفعا ديناميا هوائيا لزيادة مداها. ولكن زيادة المدى تأتي على حساب تباطؤ أسرع بسبب الاحتكاك مع الجو. ومن بين تداعيات انخفاض السرعة هذا هو أن الطائرات الشراعية فائقة السرعة يمكن أن تصبح أكثر عرضة للاعتراض من قبل دفاعات صاروخية «دقيقة» (وخاصة بعد تعزيز هذه الدفاعات لهذا الغرض). فعلى غرار ظهيري الدفاع في كرة القدم الأميركية، فإن الدفاعات الصاروخية الدقيقة تهدف إلى حماية مناطق صغيرة، ولكن مهمة مثل القواعد العسكرية الأميركية في غرب المحيط الهادي.
ثم إن نقطة القوة الرئيسية التي تنسب إلى الطائرات «فوق الصوتية» هي قدرتها على المناورة خلال الطيران. فإذا استطاعت تعديل اتجاهها بسرعة كافية، فإن هذه الطائرات الشراعية تستطيع بالفعل قهر الدفاعات عبر مراوغة الصواريخ التي تريد اعتراضها. غير أن تنفيذ مناورات سريعة من دون التضحية بالدقة الضرورية من أجل الفعالية العسكرية يمثّل تحديا تقنيا مهما. والحال أنه ليس هناك ما يدل على أن الصين، أو أي دولة أخرى، قد تغلبت عليه حتى الآن.
إن طلب الميزانية التي تقدم به البنتاجون للسنة المالية 2020 شمل 2.6 مليار دولار من أجل الأبحاث المتعلقة بالسرعة فوق صوتية، وهناك رغبة كبيرة داخل واشنطن في استخدام أسلحة فوق صوتية في أقرب وقت ممكن.
جيمس أكتون: مدير برنامج السياسة النووية في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي- واشنطن
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»