يجب على الناس ألا ينزعجوا، بالدرجة التي هم عليها الآن، من احتمال حدوث ركود أميركي. فهناك اعتقاد بأنه لن يمر الكثير من الوقت، حتى يقع ركود، وهذا هو ما يستوجب على الاحتياط الفيدرالي أن يتحوط بتقديم تحفيز إضافي هذا الأسبوع. والمشاركون في الأسواق يرون كل الأسباب الممكنة للقلق من حدوث ركود وشيك. فالنمو العالمي يتباطأ وحروب التجارة تعزز عدم اليقين والتوسع الاقتصادي يتقادم، والعائدات- حتى وقت قريب- على أذون الخزانة الأميركية قصيرة الأمد كانت أعلى من الأذون الأطول أمداً- أي هناك نوع من «الانقلاب في منحنى العائدات» الذي يسبق عادة حالات الركود. لكنني أقل قلقاً، فالمستهلكون في حالة جيدة، وخفض الاحتياط الاتحادي لسعر الفائدة حافظ على سلاسة الظروف المالية. والأمر يحتاج إلى وقت أكبر للقضاء على توسع اقتصادي.
ونمطياً، إما أن يجبر تضخم غير مرغوب الاحتياط الاتحادي على إنهاء النمو، أو تضر صدمة ما بالطلب بشدة وبسرعة، لدرجة لا يستطيع معها الاحتياط الاتحادي الاستجابة بالسرعة الكافية لتفادي ركود. ومنحنى العائدات ثابت ليس لأن سعر الفائدة على المدى القصير مرتفع، لكن لأن سعر الفائدة على المدى الطويل منخفض للغاية. والمستثمرون يشترون سندات كتحوط ضد النتائج السيئة للنمو، وليسوا قلقين بشأن التضخم المرتفع.
والمهم أن السياسة النقدية مازالت تدعم النمو، كما يمكن ملاحظة هذا في مبيعات المنازل وبناء المناطق السكنية. فما الخطأ الذي يحدث؟ أحياناً قد يعزز حدث معاكس وسيكولوجية البشر أحدهما الآخر بطريقة تؤدي إلى ركود. ومع الأخذ في الاعتبار مدى بطء نمو الاقتصاد، فحدوث صدمة ولو متوسطة قد تؤدي إلى هذا.
ولفهم الخطورة، دعنا نبحث السلوك التاريخي لمعدل البطالة. وفحص المتوسط في ثلاثة أشهر، يوضح أن لدينا نموذجاً ملحوظاً: إذا ارتفع المعدل فإنه يتحرك بنسبة طفيفة أو كبيرة. وإذا ارتفع بأقل من ثلث نقطة مئوية أو ارتفع بنحو نقطتين مئويتين أو أكثر، يقع الاقتصاد الأميركي في ركود. ومنذ الحرب العالمية الثانية لم يحدث أي شيء بين الأمرين. فلماذا الفجوة؟ الإجابة تكمن على الأرجح في الآلية التي وصفها روبرت شيلر الاقتصادي من جامعة يل، في كتابه الجديد وهو بعنوان «الاقتصاد السردي». لنفترض حدوث بعض الصدمات الاقتصادية الصغيرة، مثل عدم اليقين المرتفع بشأن سياسة التجارة، أو حدوث خسائر متواضعة متوقعة في الوظائف.
فحين يسمع عمال آخرون أن معارفهم أو معارف معارفهم خسروا وظائفهم، فإنهم يقلقون ويشعرون أن دورهم قادم، ولذا يقترون على أنفسهم في الإنفاق نوعاً ما، ويتمسكون بهذا النوع من تقليص الإنفاق. وهذا يقلص الطلب أكثر ويؤدي إلى المزيد من إقالة العمال، ثم بعد فترة قصيرة نوعاً ما، تشيع القصة السلبية وتعزز نفسها تلقائياً ليرتفع معدل البطالة باستمرار.
ولا يستطيع الاحتياط الفيدرالي الاستجابة في الوقت الملائم، لأن البيانات الحاسمة تحتاج لبعض الوقت حتى تظهر، كما أن التيسير النقدي يحتاج إلى وقت كي يحفز النشاط الاقتصادي.
وهناك الكثير من الأمور التي قد تؤدي إلى دورة رجع صدى سلبية مثل تلك الحالية، وتتضمن هذه الأمور تطورات الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين وبطء النمو العالمي، بالإضافة إلى ذكريات الأشخاص عن الركود الشديد السابق، مما قد يعزز سطوة القصة السلبية. وهذا الخطر يعزز حجة أنه يتعين على الاحتياط الاتحادي اتخاذ إجراء لتيسير السياسة النقدية في اجتماع اللجنة الاتحادية للأسواق المفتوحة في الأيام القليلة المقبلة.
ومثل هذا التحرك الاستباقي سيقلص فرص دخول الاقتصاد مرحلة هبوط بما يكفي لتتوقف حركته، وحتى إذا اتضح أن الإجراء غير ضروري، فالعواقب المحتملة ليست سيئة، بل تعني فحسب أن الاقتصاد سيكون أقوى، ومعدل التضخم سيتحرك على الأرجح بسرعة أكبر إلى النسبة التي يستهدفها بنك الاحتياط الفيدرالي والبالغة 2%.
*باحث بارز بمركز «دراسات السياسة الاقتصادية» في جامعة برينستون.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»