«إن الثاني من ديسمبر يوم نستعيد فيه أمجاد التاريخ ونستحضر فيه السيرة العطرة لمؤسس الدولة وبانيها الوالد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وإخوانه الآباء المؤسسين الذين رفدوا مسيرة هذا الوطن بجهدهم وفكرهم..إقامة لدولة اتحادية قوية البنيان ووطنٍ مزدهر ينعم الناس فيه بالعدل والأمان..الخير فيه وافر يشعره الناس عزة وكرامة ويعيشونه حاضراً زاهياً وغداً مشرقاً.»، تلك هي مقولة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، والتي تُلخص كلماتها القليلة والبسيطة مسيرة وطن منذ تأسيسه في الثاني من ديسمبر 1971، والذي استطاع بتوفيق من الله عز وجل، وحكمة ورؤية قادته وتفاني وولاء مواطنيه، تحقيق قفزات تنموية ضخمة وضعت دولة الإمارات في مصاف الدول المتقدمة في زمن قياسي. ولعل من أبرز القدرات الوطنية التي ساهمت في إنجازات الدولة هي مواهب المواطنين، والتي برزت بشدة طيلة الـ48 عاماً الماضية، وكان لها أبلغ الأثر في تطوير الدولة في العديد من مناحي الحياة.
من الناحية اللغوية، فإن كلمة (موهوب) مأخوذة من الفعل (وهب) وهي العطية؛ أي الشيء المعطى للإنسان والدائم بلا عوض. ?والشخص «?الموهوب» ?هو ?الذي ?يتصف ?بالقدرة ?على ?تقديم ?الأداء ?المتميز ?في ?مجال ?القدرات ?الإبداعية ?والفنية ?والقيادية ?أو ?في ?مجالات ?دراسية ?محددة. ?وتشمل ?مجالات ?الأداء ?العالي المتميز ?لهؤلاء ?الأشخاص ?مجالات ?القدرات ?العقلية ?العامة، ?القدرة ?الأكاديمية ?المتخصصة، ?القدرة ?القيادية، ?القدرة ?الإبداعية ?والابتكارية، ?المهارات ?الفنية ?والأدبية ?والقدرات ?الحركية. ?وفي ?هذا ?الإطار، ?نذكر ?المخترع ?الإماراتي ?العالمي، ?المهندس ?أحمد ?مجان، ?الشهير ?بـ«?إديسون ?الإمارات»?، ?الذي ?حقق ?رقماً ?قياسياً ?في ?عدد ?الاختراعات ?والابتكارات ?التي ?أنتجها ?حتى ?الآن، ?لتتعدى ?1000 ?ابتكار، ?إضافة ?إلى ?الموهوب «?هزاع ?المنصوري» ?أول ?رائد ?فضاء ?إماراتي. ?أضف ?إلى ?ذلك ?المواهب ?الإماراتية ?في ?مجال ?التعليم ?الفني، ?والتي ?فازت ?بالعديد ?من ?الجوائز ?الدولية ?ومن ?أبرزها ?المواهب ?في ?مجالات ?تطوير ?الطائرات ?من دون ?طيار، ?الروبوتات ?المتحركة، ?تطبيقات ?الهاتف ?المتحرك، ?والذكاء ?الاصطناعي. ?ولا ?نستطيع ?تجاهل ?قصة ?النجاح ?التي ?بدأت ?قبل ?عشر ?سنوات ?في ?مجال ?تصنيع ?أجزاء ?هياكل ?الطائرات ?تحت ?سقف ?شركة «?ستراتا» ?التي ?تحتضن ?العشرات ?من ?المواطنين ?الموهوبين، ?الذين ?استطاعوا ?خلال ?عقد ?من ?الزمن ?تسليم ?3 ?آلاف ?شُحنة ?مكونة ?من ?50 ?ألف ?قطعة ?من ?أجزاء ?هياكل ?الطائرات ?المصنّعة ?لكبريات ?شركات ?صناعة ?الطائرات ?العالمية، ?وذلك ?في ?إطار ?عقود ?فازت ?بها «?ستراتا» ?تصل ?قيمتها ?إلى ?7.5 ?مليار ?دولار ?من ?كبريات ?شركات ?صناعة ?الطائرات ?العالمية ?مثل ?«بوينج» ?و«إيرباص». ?كما ?هناك ?مواهب ?المواطنين ?في ?مجال ?الرياضات ?الفردية ?والتي ?حققوا ?من ?خلالها ?العديد ?من ?الميداليات ?الدولية، ?بجانب ?جهود ?جهات ?حكومية، ?في ?مقدمتها ?القيادة ?العامة ?لشرطة ?أبوظبي ?والقيادة ?العامة ?لشرطة ?دبي، ?في ?استكشاف ?ورعاية ?الموهوبين ?من ?خلال ?برامج ?علمية ?تُدار ?بناء ?على ?أعلى ?درجات ?الاحترافية ?والتميز.
وبالرغم من الإنجازات التي حققتها الدولة في مسيرة رعاية وإدارة المواهب الوطنية فإن الأمر، كما تنادي العديد من الجهات وفي مقدمتها المجلس الوطني الاتحادي، ما زال بحاجة إلى المزيد من الاهتمام وإصدار التشريعات التي تضمن حقوق الموهوبين وحماية ابتكاراتهم وتوفير البيئة الوطنية الحاضنة لهم، لاستكشاف المزيد من المواهب وتطوير قدرات الموهوبين الحاليين، حتى نتمكن من تحقيق مقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة: «إن شباب الوطن الطموح بناة مستقبله المشرق، والاستثمار في تنمية مواهبه وتطوير قدراته أولوية استراتيجية لدولة الإمارات العربية المتحدة بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، كما أنها واجب ومسؤولية تقع على عاتق جميع الأفراد والمؤسسات العامة والشركات الوطنية الخاصة».