صعد الجنيه الإسترليني إلى مستويات مرتفعة جديدة، مدعوماً بانتصار انتخابي شامل لحزب «المحافظين» بزعامة بوريس جونسون. والآن، ومع رفع الكابح البرلماني عن صفقة جونسون بشأن الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، وبعد إلحاق هزيمة ساحقة بحزب «العمال» بزعامة جيرمي كوربن الذي كان يعد بزيادة الضرائب وجذب الاستثمارات، فإننا سنشهد مكاسب مستمرة للجنيه الإسترليني. ورغم هذا، كما أشرت في الأيام القليلة الماضية، فإن الكثير من هذا قد كان كامناً بالفعل في الأسعار بسبب التقدم المقنع للمحافظين في استطلاعات الرأي، ولذا لا تتوقعوا عودة فورية إلى المستويات المرتفعة السابقة على الاستفتاء عام 2016. فالاقتصاد البريطاني متعثر، بصرف النظر عمن يتولى السلطة، والنمو في الفترات المقبلة سيكون متواضعاً للغاية.
وأكبر المستفيدين، على الفور، هم المستثمرون في الأسهم البريطانية التي أمامها مساحة كبيرة للتعافي، بعد أن تخلفت كثيراً عن المؤشرات الأوروبية والأميركية هذا الأسبوع. وكانت البنوك البريطانية وبناة المنازل، بشكل خاص، في وضع غير جيد، مما يفسر تعافيها صباح الجمعة. وبعد انقشاع خطر برنامج كوربن للتأميم، أصبحت المرافق فجأة أفضل حالاً كذلك. ومشاعر التفاؤل الحذر تجاه تحسن الجنيه الإسترليني ينبغي أن تمتد إلى مؤشر فايننشيال تايمز لأكبر 100 شركة ومؤشر فايننشيال تايمز لأكبر 250 شركة في البورصة البريطانية. والاقتصاد يواجه صعوبات، ومازال على جونسون التوصل إلى صفقة تجارية صعبة مع الاتحاد الأوروبي، الذي يمثل أكبر شريك تجاري للمملكة المتحدة. وقرار دونالد ترامب، بشأن المرحلة الأولى من اتفاق التجارة بين الولايات المتحدة والصين، كان عاملا آخر مهماً في صعود الأسهم، صباح الجمعة الماضي.
وتعاني سندات الحكومة البريطانية من تحول سريع إلى الأسهم، بعيداً عن الملاذات الآمنة. لكن صعودها الحالي يتوافق، إلى حد كبير، مع ما حدث لسندات الحكومة الألمانية، مما يوضح مرة أخرى ارتباط هذا، إلى حد كبير، بالانفراجة في التجارة الأميركية، إن كانت قد حدثت انفراجة بالفعل. ويمكننا أن نتوقع ارتفاعاً في عائدات سندات الحكومة البريطانية العام المقبل، مع حدوث زيادة مؤكدة في العرض، لتمويل الاستعراض المالي الكبير لجونسون، رغم أن خططه في الإنفاق أقل من الخطط التي أعلنها كوربن. ومع اعتماد المحافظين على دعم ناخبين أصحاب الياقات الزرقاء في معاقل حزب العمال، في المناطق الصناعية، انتهت أيام التقشف بكل ما يعنيه هذا من تداعيات على سندات الحكومة البريطانية.
وأصعب الأمور على تنبؤ الأسواق، هو ما قد يحدث لأسعار الفائدة في المدى القصير، فمن المقرر أن يترك مارك كارني محافظ «بنك أوف انجلاند» (البنك المركزي) منصبه في نهاية يناير المقبل، في الوقت الذي ستترك فيه المملكة المتحدة رسمياً الاتحاد الأوروبي. ورغم أن الشخص الذي سيحل محله سيعلن عنه قريباً، فإن لجنة السياسة النقدية للبنك ستحرص دون شك، على الاستفادة بأكبر وقت ممكن، قبل محاولة تغيير سعر الفائدة الأساسي البالغ 0.75%. وستحرص لجنة السياسة النقدية للبنك المركزي على أن تفحص أول ميزانية للحكومة الجديدة. ومع توقع ضخ حوافز كبيرة في الاقتصاد، ستحاول اللجنة تجنّب أي تقليص لسعر الفائدة في ذلك الأثناء.
وكما توقع كاتب هذه السطور في يونيو الماضي، كان صعود جونسون نبأً جيداً للأصول بالجنيه الإسترليني، ما قد يفيد الطلب المتجدد في الخارج والعودة البطيئة للثقة المحلية، ما لم تصبح المحادثات التجارية لما بعد بريكست كارثة طويلة الأمد. وبالمثل، فإن صحة الاقتصاد العالمي مهمة لاستمرار الانتعاش بعد فوز جونسون والمضي قدماً في بريكست.
ماركوس أشوورث
كاتب متخصص في تغطية الأسواق الأوروبية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»