عندما قتلت الضربة الأميركية الجنرال قاسم سليماني الأسبوع الماضي، منحت هذه الأخيرة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ثلاثة أشياء يريدها كثيرا: ضربة قوية ضد طرف يعتبره معادياً لإسرائيل، وارتياح من التخوفات المتزايدة من أن الرئيس ترامب أخذ ينسحب من الشرق الأوسط، وتغيير للموضوع من اتهامات الفساد التي تلاحقه قبل شهرين على انتخابات عامة. ومن بين هذه الأشياء الثلاثة، يبدو كما لو أن ارتياح نتنياهو من تركيز وسائل الإعلام على قضايا الفساد قد يكون الأقصر أمدا. ذلك أنه بعد ثلاثة أيام فقط على الضربة التي نفذتها طائرة مسيرة أميركية، عادت جهود نتنياهو لحماية نفسه من المحاكمة لتتصدر الصفحات الأولى للجرائد في إسرائيل. والأكيد أن مقتل سليماني، كان لا يزال محل ترحيب في إسرائيل يوم الاثنين. فبعد تنامي مشاعر الإحباط إزاء عدم استعداد ترامب الواضح لمواجهة إيران بشكل مباشر، اعتُبر قراره المفاجئ استهداف هذا القائد الإيراني القوي خطوة كبيرة من قبل معلق إسرائيلي واحد على الأقل. وفي هذا السياق، قال «أليكس فيشمان» في صحيفة «يديعوت أحرنوت» الصادرة بالعبرية: «إن هذا التحول في السياسة العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط لم يتطلب أي خطوات دبلوماسية أو عسكرية إسرائيلية كانت ستكلف ثمنا باهظا»، مضيفا «لقد اختار الرئيس ترامب مد يده إلى النار». بالنسبة لنتنياهو، الذي يُعد من الصقور، يعتبر أي تغير في التركيز من متاعبه القضائية إلى موضوع الأمن الإقليمي امتيازا، وذلك بعد أن أرخت الادعاءات المتعلقة بالفساد بظلالها على الحملة الانتخابية، ووُجهت له رسميا اتهامات بالرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة في نوفمبر الماضي. وقد رفض نتنياهو الاستقالة أو الانسحاب من السباق، والأسبوع الماضي طلب من البرلمان رسميا حصانة من المحاكمة.

ولكن يوم الجمعة، عقب الضربة الأميركية بوساطة طائرة مسيرة، غطى موضوع الأمن مؤقتا على فضائح الفساد.
وقال جيل هوفمان، كبير المراسلين السياسيين لصحيفة «جيروزاليم بوست»، مستخدما لقب نتنياهو: (إن الناس يشعرون بالأمن مع«بيبي»، وإذا كنا نتحدث عن الأمن، فطالما أن الفريق يفوز، فيجب ألا تغيره).
المسؤولون الإسرائيليون رفضوا الكشف عما إن كانوا قد أُطلعوا على العملية الأميركية سلفاً قبل تنفيذها، وإنْ كان معظم المحللين يعتقدون أن إدارة نتنياهو قد أُشعرت بها على الأقل. كما لزم المسؤولون الصمت أيضاً بشأن المسألة الأكثر حساسية المتعلقة بما إن كانت إسرائيل قد وفرت معلومات استخباراتية أو نوعا آخر من الدعم للعملية.
منافس نتنياهو الرئيسي، قائد الأركان السابق «بيني جانتز»، انضم إليه في الإشادة بمقتل سليماني، ولكن نتنياهو هو الذي روج لنفسه باعتباره مؤثّرا على ترامب بشكل فريد من نوعه. وبغض النظر عما إن كان قد ضغط بشكل مباشر من أجل تنفيذ الضربة، فإنه الشخص الذي من المرجح أن يكون المستفيد الأول منها.
وفي هذا الصدد، قال هوفمان: «ليست لدينا أي فكرة حول ما إن كان له أي تأثير، ولكن الناخبين سينسبون له الفضل لأنه حاخام ترامب».
تصعيد ترامب المفاجئ ضد إيران ليس سوى أحدث التحولات السياسية التي لطالما سعى نتنياهو للحصول عليها من واشنطن، مثل نقل السفارة الأميركية إلى القدس والانحياز على نحو متزايد إلى موقف إسرائيل بخصوص المستوطنات في الضفة الغربية. ولكن بعد نهاية أسبوع هيمنت عليها التغطية الإعلامية للهجوم على موكب سليماني بالقرب من مطار بغداد، حفلت وسائل الإعلام الإسرائيلية من جديد بالأخبار حول متاعب نتنياهو القضائية والانتخابية. والأكيد أن الشكل الذي سيتخذه تطور التوترات المتزايدة مع إيران خلال الأسابيع المقبلة، ومن ذلك إمكانية هجمات انتقامية على إسرائيل، هو الذي سيحدد تأثيراتها السياسية.
«تال شنايدر»، المراسلة السياسية والدبلوماسية لصحيفة«غلوبز»الإسرائيلية، قالت إن التداعيات المترتبة على مقتل سليماني أعادت توجيه دورة الأخبار في إسرائيل، ولكنها أضافت أنه حتى الآن لا يمكن النظر إليه باعتباره منح دفعة لحملة نتنياهو.
وقالت شنايدر:«فترة طويلة جدا ما زالت تفصلنا عن يوم الانتخابات، والأمر يمكن أن يكون مؤذيا جدا لإسرائيل»، لافتة إلى أن رد نتنياهو على العملية الأميركية كان مخففا.
وقالت:«إذا تعرضت إسرائيل لهجوم مباشر، فحينها من يدري ما الذي يمكن أن يحدث، وتاريخيا، إذا كانت ثمة حرب وكانت ثمة إصابات، فإن رئيس الوزراء الحاكم يُحمَّل المسؤولية».
ستيف هندريكس* وروث إجلاش**
*مدير مكتب «واشنطن بوست» في القدس
**مراسلة «واشنطن بوست» في القدس
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»