يبدو أن اختيار الناشطة البيئية «جريتا ثونبيرج» (16 عاماً)، «شخصية العام» في مجلة «تايم»، قد أثار الكثيرين في اليمين السياسي بقيادة الرئيس دونالد ترامب الذي وصف الاختيار بأنه «مثير للسخرية» وسخر من ثونبيرج لأنها يُفترض أن لديها «مشكلة في إدارة الغضب». كانت الواقعة مثيرة، لكنها مناسبة لنهاية عام شهد أفكاراً جريئة وجديدة لمحاربة تغير المناخ في مواجهة التقاعس والتعصب وما هو أسوأ.
وفي ديسمبر الماضي، عقد قادة العالم قمةً بشأن المناخ في مدريد، حيث كان يحدوهم الأمل في حل القضايا العالقة المتعلقة باتفاق باريس وبناء الزخم نحو اتخاذ تدابير أكثر قوة. وبدلاً من ذلك، انتهت المحادثات بالإحباط وتبادل الاتهامات، مع تلقي ترامب والولايات المتحدة قدراً كبيراً من اللوم. وقال ممثل من جزيرة توفالو: «إننا نمر الآن بوقت عصيب للغاية من الناحية السياسية، إذ لدينا زعيم عالمي رئيسي ينكر التغير المناخي. لذا من الصعب للغاية حمل الدول الأخرى على المضي قدماً عندما يكون لديك بلد بهذه الأهمية يلعب دوراً معرقِلاً».
وكما ذكرتُ من قبل، فإن إنكار ترامب للتغير المناخي في مواجهة أزمة تتصاعد بسرعة، ربما يكون أكبر تقصير من جانبه في أداء الواجب. في البداية قام بسحب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ في شهر نوفمبر، وهي خطوة مرفوضة من جانب ثاني بلد ينبعث منه الكربون، وتعطي دولاً أخرى ملوِّثة للبيئة عذراً للتهرب من التزاماتها. وفي العام الماضي، قامت إدارته أيضاً بإلغاء خطة الطاقة النظيفة لإدارة أوباما وسمحت بمزيد من الحفر والتكسير على الأراضي الفيدرالية.
وفي الوقت نفسه، وبدعم من النشطاء على مستوى القاعدة الشعبية، بدأ بعض المشرعين في توسيع نطاق النقاش حول المناخ. وفي شهر أكتوبر، مثلا، وافق المجلس التشريعي في كولورادو على إجراء برعاية النائبة الديمقراطية «إيميلي سيروتا»، والذي سيتطلب إجراء تقييم رسمي للتأثير الذي أحدثته العديد من مشاريع القوانين على انبعاثات الكربون. ومع تنامي إدراك المشرعين لأهمية إبقاء أزمة المناخ في لب النقاش، يمكن لهذه الفكرة، التي تعكس عملية تحديد أهداف الميزانية، أن تكون نموذجاً للدول الأخرى وحتى للكونجرس في المستقبل.
ووجد تقرير جديد صادر عن مبادرة التعهد الأميركية، بقيادة حاكم كاليفورنيا السابق «جيري براون» وعمدة نيويورك السابق «مايك بلومبيرج»، أن «الإنجاز الكامل للسياسات القائمة بالفعل من الجهات الحكومية والجهات الفاعلة المحلية، مقترنة باقتصاد سريع التحول في قطاع الطاقة، من شأنه أن يخفض الانبعاثات بنسبة 19% عن مستويات عام 2005 بحلول عام 2025، وبنسبة 25% بحلول عام 2030».
وبالطبع، يجب ألا تمنع هذه الخطوات الحاجة إلى وجود قادة عالميين وأميركيين لتبني إجراءات جريئة لمعالجة الأزمة، بما في ذلك الصفقة الجديدة الخضراء والتحول إلى اقتصاد خال من الكربون. وسيحتاج الأمر إلى تنسيق العمل على المستوى العالمي لتجنب حدوث كوارث. بيد أن حركة المناخ تكتسب زخماً؛ فهي الآن تشمل المدن والدول والشركات والأنشطة. وهذا يثبت أنه في حين أن إدارة ترامب ربما تكون قادرة على إبطاء التقدم، فإنها لا تستطيع كبح إرادة ملايين الناس الذين يكافحون لإنقاذ الكوكب. وكما قالت الناشطة ثونبيرج في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ المنعقد مؤخراً؛ «لا يتعين علينا الانتظار. يمكننا أن نبدأ بالتغيير الآن».

محررة وناشرة مجلة «ذا نيشن» الأميركية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»