أخيراً، حصل فيروس كورونا الجديد على اسم رسمي، هو (COVID-19)، والذي يمكن أن ينطق (كوفيد 19)، حيث يتضمن أجزاء من اسم مجموعة الفيروسات التي ينتمي إليها، أي مجموعة الكورونا، بالإضافة إلى العام الذي ظهر فيه للمرة الأولى، أي عام 2019.
ويأتي هذا الخبر بعد يوم واحد فقط من وصول الوفيات اليومية إلى مستويات قياسية، حيث بلغ عدد الوفيات يوم الاثنين الماضي فقط 103 حالة وفاة، وبعدد وفيات إجمالي داخل الصين بلغ 1.016، وإن كان عدد حالات الإصابة في نفس اليوم، قد انخفض بنسبة 20 في المئة عن اليوم السابق، من 3.062 حالة إصابة إلى 2.478 فقط.
وبذلك يكون مجمل عدد الوفيات (1.016 وفاة) الناتجة عن وباء الكوفيد19 حتى الآن، قد تخطى مجمل عدد الوفيات (774 وفاة)، التي نتجت عن وباء فيروس السارس عام 2003، والذي انتشر حينها في 17 دولة، ولكن بالنظر إلى أن فيروس السارس، وهو أيضاً من فصيلة فيروسات الكورونا، لم يصب إلا حوالي 8 آلاف شخص، توفي منهم 774، لذا يصبح معدل الإماتة لفيروس السارس، أي قدرة الفيروس على قتل من يصيبون به، حوالي 9.6 في المئة. وبالمقارنة، توفي 1.016 من فيروس الكوفيد19 من عدد إصابات يزيد على 43 ألف، لذا يصبح معدل الإماتة لفيروس الكوفيد19 حوالي 2.5 في المئة فقط، وهو ما يعني أن من بين كل 100 شخص أصيبوا بالسارس، كان يتوفى حوالي عشرة أشخاص بسبب مرضهم، بينما من بين كل 100 شخص يصابوا حالياً بالكوفيد19، يتوفى 2.5 شخص فقط، أي خمسة من بين كل مئتي حالة إصابة، أي أن فيروس السارس كان يقتل من بين المصابين به، أربعة أضعاف مقدار ما يقتل فيروس الكوفيدا حالياً من بين المصابين به.
ويعتبر معدل «الإماتة» (Case fatality rate) مفهوماً فائق الأهمية في الوسط الطبي، حيث يعبر عن عدد الوفيات الناتجة عن مرض ما بين المصابين به، غالباً من خلال نسبة مئوية، تظهر مدى خطورة المرض، ولا يمكن حساب معدل الإماتة بدقة، إلا بعد أن تصل الإصابات إلى واحدة من احتمالين لا ثالث لهم، الشفاء أو الوفاة.
ويختلف معدل الإماتة عن ما يعرف بنسبة الوفيات (Mortality Rate)، والذي يعبر عن عدد الوفيات في مجموعة ما من السكان، بالنسبة لعدد السكان الإجمالي، وإن كان غالباً ما يختلط الأمر على الكثيرين بينهما، فعلى سبيل المثال، رغم أن معدل «الإماتة» لفيروس «كوفيد19» يبلغ حالياً 2.5 في المئة، إلا أن نسبة الوفيات الناتجة عنه بين سكان مدينة ووهان الصينية والبالغ 11 مليون شخص، لا يزيد على 0.09 في المئة، أي أن من بين كل 11 ألف من سكان المدينة، يلقى شخص واحد مصرعه بسبب المرض، وهي نسبة الوفيات الحالية.
ولكن رغم أن فيروس الكوفيد 19، يتميز بمعدل إماتة للمصابين يبلغ فقط ربع معدل إماتة فيروس «سارس» لمن أصيبوا به، إلا أنه على ما يبدو أن الكوفيد19 يتميز بحدة وشراسة أعلى بكثير من فيروس «سارس»، على صعيد قدرته على الانتقال من شخص إلى آخر، والتسبب في عدوى الآخرين، ففيروس«سارس» الذي ظهر للمرة الأولى في منتصف نوفمبر 2002، واستمر حتى بداية يوليو 2004، حينما أعلنت منظمة الصحة العالمية أن الوباء أصبح تحت السيطرة، تمكن خلال هذه الفترة، والتي امتدت لأكثر من عام ونصف من إصابة 8 آلاف شخص فقط، وبالمقارنة، تمكن فيروس الكوفيد 19 من عدوى أكثر من 43 ألف شخص في غضون شهرين تقريباً.
وهو ما يعني أنه رغم انخفاض معدل الإماتة لفيروس الكوفيدا19، أي انخفاض قدرته على قتل من يصابون مقارنة بفيروس «سارس» مثلاً، إلا أن ارتفاع قدرته على العدوى والانتقال من شخص إلى آخر، ستترجم في النهاية إلى عدد وفيات إجمالي أكبر بكثير من فيروس «سارس»، وخصوصاً إذا لم تتم السيطرة عليه بسرعة، وإن كانت هذه التوقعات في مراحلها الأولية، حيث لا زال من غير المعروف بدقة عدد حالات الإصابة، وخصوصاً تلك التي لا تظهر عليها أعراض المرض، أو أن تكون أعراض المرض بسيطة، بحيث يتم تجاهلها ولا يتم تشخيصها وتسجيلها، ولكن المؤكد أن قدرة المجتمع الدولي، وخصوصاً الصين، على التعامل مع أوبئة الفيروسات الجديدة، قد تطورت بشكل كبير خلال العقدين الماضيين، حيث تم الاستفادة من أخطاء الماضي، ووضع التدابير الكفيلة بعدم تكرارها، والمؤكد أيضاً أن التبعات الاقتصادية للوباء الحالي، مهما كان السيناريو الذي سيتخذه خلال الأسابيع والشهور القادمة، ستكون أكبر وقعاً وأكثر فداحة، لعدة عوامل، منها الحجم الذي وصله الاقتصاد الصيني حالياً ضمن الاقتصاد العالمي، وزيادة حركة السفر والتنقل للأفراد بين أصقاع الأرض المختلفة.