نظامنا الطاقي متدهور بشكل أساسي، فقرابة أربعة أخماس ما يسمى استهلاك الطاقة الرئيس مصدره حرق الوقود الأحفوري، والديناميكا الحرارية تجعل معظم هذا النوع من «الاستهلاك» مجرد «حرارة ضائعة»، إذ نمتص سعر شراء أربع غالونات من الجازولين في محطة الوقود مقابل الطاقة النافعة لغالون واحد فقط، لأن ذاك الغالون الواحد يظل مناسباً وغنياً بالطاقة على نحو لا يصدق.
سهولة الوقود الأحفوري تفسّر الجانب الآخر لتدهوره، فهذا النوع من الوقود، مثلما يستخدم حالياً، بات هو معنى أن تعيش اللحظة. فالمجتمع الحديث ينتج عن استخدامنا للفحم والنفط والغاز. لكن، وكما قال توماس إيديسون متحسراً قبل قرن من اليوم، فإننا «نعيش مثل محتلين للأرض»، نحرق أثاثها من أجل الدفء والنور والنقل.
إن وقف ذلك النموذج وتغييره ليس سهلاً، وخاصة بالنسبة لبعض التطبيقات مثل الطيران، أو بالنسبة للكثيرين الذين ليست لديهم مستويات متدهورة للدخل أو الثروة. لكن رفضنا في العالم المتقدم تحديدَ ثمنٍ للتكلفة غير المحتسَبة لتأثيرات الوقود السلبية، يمثّل في هذه اللحظة قراراً واعياً بإيلاء الأولوية للإفراط.. فهل هناك تدهور أكثر من هذا؟
توجد الاقتصادات الصاعدة في وضع مختلف، إذ تبحث لنفسها عن قوة حرارية خام من أجل بلوغ مستوى معيشة حققه الغرب قبل عقود. وهذا يشكل جوهر ردها على الدعوات إلى الحد من الكربون، وهو ما يصوِّر شركات النفط الكبرى وشركات استخراج الفحم كما لو كانت منقذة للمزارعين في هذه الدول!
ولا شك أن الآلات التي تشتغل بالديزل والكهرباء، والتي يتم إنتاجها عن طريق حرق الفحم، تمثل نِعمة بالنسبة لمن يكافحون ويعانون من دونها اليوم. لكن من جهة أخرى، سيتعين على المرء مواجهة النقطة المزعجة المتمثلة في أن بعض هذه الدول تصنّف ضمن البلدان العشرة الأولى الأكثر عرضة لتأثيرات التغير المناخي.
هذه المشكلة المتمثلة في معالجة تغير المناخ، مع العمل في الوقت نفسه على خدمة سكان العالم الأقل حظاً في ما يتعلق بالطاقة، تحيل إلى مقال «روس داوذات» حول الطاقة. فأحد مؤشراته على التدهور هو النفاد الواضح لابتكارات مهمة ومربحة في اقتصاد قرننا الحادي والعشرين المنغمس في الملذات، والمشوِّش للأذهان جراء انتشار الشاشات: «في ما مضى كنا نذهب إلى القمر. أما اليوم، فنصنع أفلاماً حول الفضاء».
بيد أن السنوات العشر الماضية أظهرت أن قطاع الطاقة ليس راكداً البتة، فمؤخراً شهد إنتاج النفط والغاز الأميركي أكبر عقد في تاريخه، كما شهد انخفاض كلفة تكنولوجيا طاقة الرياح والطاقة الشمسية بقرابة 50? و90? على التوالي. وفي المملكة المتحدة، التي أنجبت مناجمُ فحمها الثورة الصناعية، تمر أيام الآن من دون أن تحرق قطعة واحدة من أجل كهربائها. والسيارات الكهربائية –حلم إيديسون البعيد– انتقلت من شيء مثير للفضول إلى نمو متزايد في عدد من أسواق المركبات، مثل السوق الصينية. وفي الأثناء، يتواصل العمل على عدد كبير من الاختراقات الأخرى، من حبس الكربون إلى تدفق الكهرباء من المركبة إلى الشبكة.
والواقع أن ثمة ابتكارات كثيرة تحدث في الطاقة، وستحدث إن وجدت التشجيع. إن التعاطي مع التكاليف المؤجلة للتحديث عبر إعادة تنظيم شبكات الطاقة والنقل في الولايات المتحدة، يمثّل تحدياً يشمل الابتكار في التكنولوجيا، والأسواق. ولا شك أن من شأن إيجاد وسيلة فعالة لتخزين الطاقة الكهربائية لأيام أو أسابيع أو أشهر، أن تفعل للمجتمع أكثر بكثير من عملية إنزال أخرى على القمر. كل هذا ينطوي على مخاطر، لكنه يشتمل أيضاً على فرص عظيمة.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»