عندما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في سبتمبر الماضي، بمناسبة اعتماد مجلس الوزراء حزمة من 10 قرارات استراتيجية لدعم ملف التوطين، إن «التوطين أولوية اقتصادية واجتماعية وأمنية، وهذه حقيقة لابد أن يستوعبها الجميع»، فإن سموه يشدد على تحقيق المستهدفات التي حددتها دولة الإمارات العربية المتحدة في هذا الشأن، التي تدفع بمسيرة الإنجاز في الدولة بكل القطاعات، انطلاقاً من إيلاء القيادة الرشيدة أهمية خاصة لملف التوطين، ووضعه على رأس سلم اهتماماتها، حرصاً منها على خلق فرص عمل للمواطنين، وتعزيز إسهاماتهم في دفع عجلة تطور الدولة ونموها وتنميتها.
إن ملف التوطين الذي عملت عليه حكومة الدولة منذ سنوات، ووضعت له مؤشرات قياس تحدد مدى التقدم فيه، أصبح حقيقة يتم لمسها وإدراكها على أرض الواقع، ففي تصريحات صحفية حديثة أدلت بها ليلى عبيد السويدي، المدير التنفيذي لقطاع البرامج وتخطيط الموارد البشرية في الهيئة الاتحادية للموارد البشرية الحكومية، تم قياس المؤشرات الخاصة بالتوطين في 57 وزارة وجهة اتحادية مع نهاية عام 2019، قامت معظمها بتسليم الخطط المحددة وفق المسارات المنصوص عليها في قرار مجلس الوزراء الصادر أواخر العام الماضي بشأن التوطين في الحكومة الاتحادية، حيث تم تعيين 3 آلاف مواطن في الحكومة الاتحادية، وترقية أكثر من 6000 موظف مواطن، وتدريب المواطنين في الحكومة الاتحادية بأكثر من 1.5 مليون ساعة تدريبية خلال العام الماضي. وهذه البيانات تشير إلى أن الحكومة تعمل على قدم وساق من أجل تنفيذ حزمة القرارات والقوانين الاتحادية، التي جاءت لترجمة الرسالة الثالثة ضمن «رسائل الموسم الجديد»، التي وجّه بها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، لتفعيل آليات العمل، والدفع بمسيرة الإنجاز في الدولة بكل القطاعات، حيث قال سموه في ذلك: «أصدرنا 10 قرارات لدعم التوطين، والملف سيبقى حياً، ولو احتجنا إلى 100 قرار جديد لدعم الملف فلن نتردد»، مضيفاً أن «التوطين لا يتعارض مع استقطاب المواهب الخارجية إلى بلادنا، بل بالعكس، المواهب تصنع اقتصاداً قوياً يوفر فرصاً كبيرة للمواطنين والمقيمين».
إن قرارات التوطين العشرة، التي اعتُمِدت في سبتمبر الماضي، لم تكن الخطوة الأولى، ولن تكون الأخيرة في دعم ملف التوطين في القطاعات كافة. صحيح أن تلك القرارات نصت على رفع نسبة التوطين في الحكومة الاتحادية بواقع 10% سنوياً لتصل إلى 90% في الوظائف الإدارية والخدمات المساندة خلال 5 سنوات، ورفع نسبة التوطين في الوزارات والجهات الاتحادية إلى 100% في الوظائف الإشرافية خلال المدة نفسها، إلا أن هذا الملف بدأ منذ أن حددت «رؤية الإمارات 2021» ضرورة إطلاق إمكانات المواطنين ليقودوا عجلة التطوير الاقتصادي، وغرس ثقافة ريادة الأعمال، وتخريج أجيالٍ تتمتع بروح الإبداع والمسؤولية، والطموح.
لقد وضعت الأجندة الوطنية مؤشرات عدّة لمتابعة التقدم الذي تحققه الحكومة في هذا المجال، للوصول إلى هدفها في مضاعفة عدد المواطنين العاملين في القطاع الخاص إلى 10 أضعاف الرقم الحالي بحلول عام 2021، وسد الفجوة الهيكلية في سوق العمل، عبر زيادة انخراط المواطنين فيه، وتحديداً في القطاع الخاص، وإصدار قرارات ملزمة للمؤسسات العاملة في قطاعات محددة، كالقطاع المصرفي وقطاع التأمين، تتعلق بتوظيف الكوادر المواطنة بمعدلات سنوية تصل إلى 4%، وتحفيز مؤسسات القطاع الخاص على المشاركة في عملية التوطين، يرافقه تحمّل الدولة جزءاً من المكافآت الشهرية التي يحصل عليها المواطنون العاملون فيها، وتحمّل تكاليف البرامج التدريبية والتأهيلية المقدمة للموظف المواطن.
*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.