هناك تكهنات كثيرة تشير إلى ضرر محتمل من تفشي فيروس كورونا بالاقتصاد الأميركي. وهذا محتمل، لكن لا بد أن يكون الضرر كبيراً للغاية، حتى ينال ولو قليلاً من سوق عمل قوي. فتقرير الوظائف لشهر فبراير مذهل ببساطة. وعادة يحدث بطء في نمو الوظائف في نهاية كل توسع اقتصادي، لكن هذا لم يحدث بعد عشر سنوات من بداية التعافي من الركود الكبير. وما زالت البطالة قرب أدنى مستوى في 50 عاماً ونمو الأجور واصل تفوقه على التضخم.
بل إن فحص بيانات الشهور السابقة يقدم بيانات أفضل. فعدد الوظائف المضافة في ديسمبر ويناير، تم تنقيحها لترتفع إلى ما إجماليه 85 ألف وظيفة. وأعلنت وزارة العمل أنه بإضافة 273 ألف وظيفة جديدة في الشهر السابق، يبلغ متوسط نمو الوظائف 243 ألف وظيفة شهرياً للشهور الثلاثة السابقة. وهذا ليس مما يحدث نمطياً بعد فترة انتعاش طويلة. فحتى في التوسعات الهائلة طويلة الأمد في ستينيات وثمانينيات القرن الماضي، لم تضف مثل هذا العدد الكبير الحالي من فرص العمل في نهاية فترات الازدهار في هذين العقدين.
وشعر الاقتصاديون بقلق من احتمال بطء اقتصادي، منذ أكثر من عام، بسبب صراع ترامب التجاري مع الصين. وحذرنا خبراء كثيراً من أن الحرب التجارية ستؤثر على الاقتصاد الأميركي في أي وقت. ومن المؤكد أن بعض القطاعات تضررت، لكن الاقتصاد إجمالاً أبلى بلاء حسناً. وتأثير كورونا قد يكون مختلفاً، لكن قد لا يكون الأمر كذلك.
وكان العام الماضي عام رخاء، بشكل خاص على الأميركيين الأفارقة والهسبانك، وهما قطاع محوري يُعول «الديمقراطيون» عليه بأن يشاركوا بأعداد كبيرة في الانتخابات الرئاسية. ومشاركة الأفارقة في سوق العمل ارتفعت نقطة مئوية منذ فبراير الماضي، والبطالة انخفضت وسطهم أكثر من نقطة مئوية. والبطالة وسط الهسبانك لم تنخفض، لكنها مازالت عند نسبة منخفضة للغاية بلغت 4.4% ومشاركتهم في قوة العمل ارتفعت بأكثر من نقطة مئوية.
وهذه البيانات تظهر قبل إجراء إحصاء للسكان يتم كل عشر سنوات، وهو يزيد دائماً فرص العمل. ويعتزم مكتب الإحصاء توظيف 500 ألف شخص للقيام بالإحصاء. وهذه الوظائف ستتبدد بعد الصيف، لكنها تأتي في أفضل وقت يدرأ تأثير أي ركود يرتبط بكورونا. وسوق العمل يقدم أجوراً أعلى في القطاعات المختلفة. ونمو الأجور بلغ 3% على أساس سنوي الشهر الماضي، وهو يتجاوز معدل التضخم. ولم يحدث من سنوات طويلة أن تمتع العمال بمثل هذا الدعم المتواصل في أجورهم.
وسيستغل ترامب كل هذا بالتأكيد في حملته، وربما يكون أفضل شعار لحملته هو «ليس مثالياً لكن أفضل». وأرقام الوظائف ربما تجعل الحجة وجيهة. والتنبؤ بالمستقبل محفوف دوماً بالمخاطر، لكن في الوقت الحالي، تمثل البيانات الاقتصادية أفضل ما يكون لترامب.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»