«دعم عملية التوطين يمثل أولوية لدينا في الحكومة.. وسنستمر في توفير كل مقومات دعم أبنائنا في مختلف القطاعات، ونحرص على متابعة توظيف كل ما من شأنه إعداد نخب وطنية تواصل مسيرة العمل»، تلك هي مقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والتي تثبت مدى حرص القيادة على دعم سياسة التوطين، ومتابعة كافة التحديات التي تواجهها، والعمل على القضاء عليها، من أجل توفير بيئة العمل المناسبة للمواطنين، ولعل أبرز جهود القيادة في هذا الإطار تتمثل في توفير بيئة التعليم الأكاديمي والمهني والتدريب المناسب، وتوطيد العلاقات بين الحكومة والقطاع الخاص بالتحديد، لتوفير فرص العمل الملاءمة للمواطنين، ومتابعة أوضاعهم الوظيفية، وتشجيع القطاع الخاص على زيادة معدلات التوطين فيه، وتكريم من يتميز من الجهات الخاصة في سياسة التوطين.
والأمر اللافت للنظر، وهو نتاج طبيعي لتطور الدولة وزيادة عدد المواطنين مقارنة بعدد السكان في بداية التأسيس، هو موافقة نسبة كبيرة من المواطنين على الالتحاق بمواقع عمل في القطاع الخاص، كانت في الماضي يعتبرونها غير ملاءمة مطلقاً، ولكن الأمور تبدلت وأصبح العديد من المواطنين يقبلون بمناصب ليست على مستوى «مدير إدارة» أو «رئيس قسم»، كما كان عليه الحال قبل عقد من الزمان، وذلك لعدة أسباب، منها ارتفاع نفقات المعيشة، والرغبة القوية في الحصول على دخل شهري، ولأسباب أخرى اجتماعية عديدة.
ولكن، وبالرغم من ذلك التطور في توجهات المواطنين نحو سوق العمل، إلا أن سياسة التوطين ما زالت تواجه العديد من التحديات، التي تمثل عقبات حقيقية ليس فقط للعمل في القطاع الخاص، وإنما في القطاع الحكومي أيضاً، والأمر المثير للغرابة أن معظم التحديات التي تواجه المواطنين في الالتحاق بسوق العمل برزت منذ عقود طويلة، وما زالت مستمرة حتى الآن، على الرغم من الإنجازات الحكومية في مجال التوطين، وكانت تلك التحديات تبرز سابقاً على لسان المواطنين الباحثين عن العمل، على هامش فعاليات معارض التوظيف، ولكن في الأعوام القليلة الماضية أصبحت تحديات التوطين ضيفاً دائماً على وسائل التواصل الاجتماعي، والبرامج الإذاعية الحوارية المحلية المباشرة، والتي يجد فيها العديد من المواطنين المنبر والمتنفس لإيصال شكاواهم وهموهم وأوضاعهم للجهات المعنية في الدولة، وذلك في ما يتعلق بعدم عثورهم على الوظيفة المناسبة، على الرغم من حصول معظمهم على شهادات جامعية وتدريب مناسب.
ومن أبرز تلك التحديات ما يتعلق بالقطاع الحكومي، إذ ما زال عدد كبير من المواطنين يجد صعوبة في الحصول على الوظيفة المناسبة، على الرغم من حصولهم على المؤهل الجامعي المناسب، الأمر الذي أدى للعديد منهم للبقاء بلا عمل لأعوام طويلة، بجانب قيام بعض الجهات الحكومية بالموافقة على توظيف مواطنين على مقاعد الدراسة للحصول على درجة الدبلوم، مثلاً، في تخصصات معينة ثم رفض تعيينهم بعد تخرجهم، نظراً لتغير شرط العمل، واقتصاره على حملة درجة البكالوريوس.
أما ما يتعلق بالقطاع الخاص، فما زال أبرز التحديات يتمثل في غياب الإحصائيات الدقيقة والدورية لأعداد المواطنين العاملين فيه والإجازات وعدد ساعات العمل والرواتب والمزايا والحوافز، وغياب المسار الوظيفي الواضح، وتأخر الترقيات، وعدم ملاءمة بيئة العمل في بعض الجهات، وتلك التحديات، وغيرها، كما ذكرت آنفاً ما زالت مستمرة منذ عقود كما هي، على الرغم من الجهود الحكومية المتواصلة لدعم التوطين، مما يستدعي ضرورة قيام وزارة الموارد البشرية والتوطين، بجانب الجهات المحلية،، بجهود أكبر لمواجهة تلك التحديات المزمنة، ووضع الحلول المناسبة لها قبل تفاقمها.