قامت دولة الإمارات العربية المتحدة بجهود كبيرة ونوعية، في كل ما من شأنه الارتقاء بالنظام التعليمي، ودمج التقنيات الذكية بالعملية التعليمية، ففي عام 2018، أطلقت الدولة مبادرة «مدرسة»، لتكون بمنزلة منصة تعليمية إلكترونية باللغة العربية، توفر 5000 درس تعليمي بالفيديو في الرياضيات، والفيزياء، والكيمياء، والأحياء، وغيرها من المناهج للفصول الدراسية كافة، ومتاحة مجاناً لأكثر من 50 مليون طالب عربي أينما كانوا، يمكنهم استخدامها من خلال أجهزة الحاسوب، والأجهزة الإلكترونية الأخرى، سعياً إلى تغيير واقع التعليم في الوطن العربي، وردم الفجوة التعليمية بينه وبين دول العالم المتقدم.
هذه المنصة التي جاءت لأجل توفير تعليم نوعي يستند إلى أحدث المناهج العالمية، وفتح آفاق معرفية جديدة أمام الطلبة، وترسيخ أسس التعلم الذاتي والمنهجي، والإسهام في إعداد جيل جديد من الباحثين والعلماء والمبتكرين العرب، وخلْق كفاءات عربية شابة مؤهلة ومتمكنة من التكنولوجيا الحديثة، أصبح دورها اليوم محورياً، في ظل ما يواجهه العالم من جرّاء انتشار فيروس كورونا، فتزامناً مع تطبيق وزارة التربية والتعليم الإماراتية منظومة «التعلّم عن بُعد» منذ مطلع مارس الجاري، لإتاحة الفرصة أمام الطلبة لمتابعة دروسهم خارج الفصل المدرسي، عززت منصة «مدرسة»، المنضوية تحت مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، محتواها التعليمي، بآلاف الدروس التعليمية التي تعرَض بالفيديو، وذلك بهدف إثراء منظومة «التعلّم عن بُعد» للطلبة داخل الدولة، عبر بوابة التعلّم الذكي، انطلاقاً مما توفره «مدرسة» من محتوى تعليمي إلكتروني متميز يتيح للمستفيدين، من طلبة ومعلمين في المدارس الحكومية والخاصة، الاستفادة منها، لتوافقها مع منهاج الوزارة، وكونها مكملة له.
وزارة التربية والتعليم التي تنظر إلى المستقبل، من خلال تعزيز استخدامات التكنولوجيا والتطبيقات الذكية في المنظومة التعليمية، استغلت اللحظة الحرجة التي يعيشها العالم اليوم، من جرّاء ما يمكن أن يطلَق عليه بـ «أزمة كورونا» لتختبر ما توصلت إليه التكنولوجيا في تقديم خدمة نوعية للطلبة، ولأولياء أمورهم، وللمعلمين، وذلك لأن «التعلم عن بُعد» يعدّ أحد أبرز الآليات التي تحقق التكاملية مع ما توصلت إليه الدولة من بنية رقمية متطورة، على مستوى الربط بشبكات الإنترنت ووسائل الاتصال بشكل شمولي، بما يعزز ريادة الدولة في استخدام التكنولوجيا المتقدمة، وتطبيقاتها في مختلف مناحي الحياة اليومية لاحقاً، ويدعم مسارات التعليم الإلكتروني، التي تتيح للطالب تحصيل العلم في مختلف الظروف والمستجدات، وهو ما يمكن وضعه تحت إطار استراتيجية الدولة العامة في استشراف المستقبل، والانتقال إلى اقتصاد معرفي يقوم على التكنولوجيا، والإبداع، والابتكار.
كما كانت الوزارة قد أطلقت نظام التعليم الإلكتروني عبر الإنترنت، بالتعاون مع اتصالات وجوجل، عبر تطبيق «دروسي» على اليوتيوب، الذي يستهدف طلبة الفرعين العلمي والأدبي، في الصفين الحادي عشر والثاني عشر، في مختلف أنواع التعليم الحكومي والخاص والمنازل وتعليم الكبار، ليكون ذلك بمنزلة انطلاقة مهمة نحو تعزيز التعليم الذكي، ومساعدة أسر الطلبة في الحد من تكاليف الدروس الخصوصية العالية، هذا بالإضافة إلى إطلاقها برنامج «الديوان»، الذي يتيح للمعلمين والطلاب في المدارس الحكومية، عرض المناهج التعليمية إلكترونياً على أجهزة الحاسب الخاصة بهم، وتحميل نسخ إلكترونية من مختلف الكتب المتاحة لجميع المواد الدراسية.
لقد بات التعليم الإلكتروني في دولة الإمارات رافداً مهماً لمنظومة التعليم، وذلك من خلال توفير مناهج علمية نوعية، يتم وضعها في متناول أيدي المؤسسات التربوية والطلبة والمعلمين وأولياء الأمور، وخاصة بعد أن أثبتت منظومة «التعلم عن بعد» فاعليتها، عندما جرى تطبيقها بشكل تجريبي في مدارس الدولة، أكدت القدرة على التغلب على التحديات الجغرافية والزمنية، وعززت من خيارات التعلم المفتوح والمتواصل، ولا سيما في ظل الحالات الطارئة أو الاستثنائية، التي تتطلب تزويد الطلبة بمهارات التعلم الذاتي على نحو مكثّف، يسهم في تعزيز الابتكار، ومواصلة تطوير العملية التعليمية وتحسينها، ومساندة جهود المعلمين، وتعزيز قدرات الطلبة العلمية والمعرفية والثقافية.

 *عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.