الغذاء في الحقيقة هو الدواء الاستراتيجي للإنسان في أي مكان، فلو مرض ووجد الدواء ولم يجد الغذاء عاوده المرض من جديد. صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله»، يدرك أهمية ضمان توفير الغذاء للإنسان في وقت الأزمات، فوباء كورونا اليوم أزمة على مستوى العالم المعولم.
وعلى ضوء ذلك، اعتمد سموه القانون الاتحادي رقم 3 لسنة 2020، بشأن تنظيم المخزون الاستراتيجي للسلع الغذائية في الدولة، الهادف إلى تنظيم المخزون الاستراتيجي للمواد الغذائية، في حال حصول أزمات وطوارئ وكوارث، وتحقيق الاستدامة في مجال الغذاء.
ولقد سارع إلى هذا النهج، صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في لقائه مع المسؤولين الحكوميين عن إدارة أزمة «كورونا»، عندما وجههم في درر كلماته الواثقة، التي أكدت مضامينها أن القيادة تعمل بكل ما تستطيع للحصول على كل المواد من آخر الدنيا، لتوفيرها لأهلنا ومقيمينا في دولة الإمارات.
هذا هو صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الذي دمعت عيناه بصدق عندما سمع بعض المقيمين يرددون النشيد الوطني، تزامناً مع شعب الإمارات وحكومته التي لم تفرق في هذه الأوقات الصعبة بين المواطنين والمقيمين، فسموه قال عنهم «أهلنا».
هل استراتيجية الأمن الغذائي للدولة لها علاقة بـ«كورونا»، قطعاً لا، فالدولة مدركة لهذا العامل منذ فترة طويلة، وخاصة أنها تقع جغرافياً بالقرب من الأزمات والحروب منذ عقود مضت، فقبل ثلاث سنوات من الآن، وأعني في عام 2017، أعلنت الإمارات خططها المئوية حتى عام 2071 في مختلف المجالات، وعند حلول عام 2018، ونظراً لأهمية عنصر الغذاء في المعادلة الاستراتيجية لدولة المستقبل، قد تم الإعلان عن استراتيجية الأمن الغذائي للدولة، قبل أي محور آخر من محاور الخطة المئوية، سنتطرق إلى أهم النقاط الرئيسة لهذه الاستراتيجية الحيوية، نظراً لدخول العامل «الكروني» في هذا الوقت الحساس.
ففي نوفمبر 2018، أطلقت الحكومة «الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي»، وذلك ضمن ملف الأمن الغذائي المستقبلي 2051.
وتهدف الاستراتيجية إلى تطوير منظومة وطنية شاملة، تقوم على أسس تمكين إنتاج الغذاء المستدام، وهذه الاستراتيجية ترتكز على تسهيل تجارة الغذاء العالمية، وتنويع مصادر استيراد الغذاء، وتحديد خطط توريد بديلة، تشمل من ثلاثة إلى خمسة مصادر لكل صنف غذائي رئيس.
ولم تترك الدولة هذا الموضوع المصيري بلا تخطيط، فقد علمت الإمارات بمفصلية هذا الأمر في خطتها الطويلة المدى، فاستحدثت له حقيبة وزارية لتولى مسؤولية هذا الملف الاستراتيجي، وسارعت الحكومة بتعيين وزيرة دولة، تكون مسؤولة مباشرة عن هذا الهم المستقبلي، وقد نالت الإمارات بذلك السبق في التفكير المستقبلي بالأمن الغذائي، وسرعان ما ظهرت خطوات عملية صرحت بها الوزيرة في عام 2019، للصحافة المحلية، بأن الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي في الإمارات، ستعمل على زيادة الإنتاج المحلي أكثر من 100 ألف طن من أصناف الغذاء الرئيسة، وستسهم في خلق أكثر من 16 ألف فرصة عمل جديدة، ومن المتوقع أن تسهم في تحقيق عائدات اقتصادية تفوق 22 مليار درهم. توفير الغذاء في حد ذاته ليس عملية إطعام فقط، وإنما هو عملية اقتصادية تهدف إلى تعزير قدرة الاقتصاد الوطني، للمساهمة في التنمية المستدامة في مختلف القطاعات بالدولة.

*كاتب إماراتي