ما زالت أزمة انتشار فيروس كورونا المستجد «كوفيد - 19» مستمرة على مستوى العالم في وقت اتضح فيه لشعب دولة الإمارات العربية المتحدة نجاح السياسة التي انتهجتها الحكومة لاحتواء ذلك الفيروس، والحد من انتشاره بين المواطنين والمقيمين. ولقد ثبت لشعب الإمارات بشكل خاص- وشعوب المنطقة والعالم بشكل عام - أن نجاح تلك السياسة يعود في المقام الأول للأفعال التي نفذتها الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية طيلة العقود الماضية بعيداً عن الشعارات والادعاءات الوهمية، مما ساهم بشكل قوي وواضح في وقاية مجتمع الإمارات من مخاطر «كورونا» مقارنة بالعديد من دول العالم سواء المتقدمة أو غيرها.
ولقد أفرزت الإجراءات التي طبقتها حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة لمواجهة فيروس كورونا العديد من الرسائل الإيجابية ذات المغزى الوطني القوي. وأولى تلك الرسائل هي أن لدى شعب الإمارات قيادة تعمل في صمت منذ إنشاء الدولة عام 1971، تحسباً لمثل تلك الأزمات بهدف ضمان استعداد أجهزة الدولة كافة لمواجهتها ومكافحتها والحد من انتشار مخاطرها. والمتتبع لمسيرة الدولة منذ قيامها، يلحظ التطور الهادئ والعقلاني في تهيئة مؤسسات الدولة الاتحادية والمحلية في مجال الوقاية من الطوارئ والأزمات، والذي بلغ ذروته بتأسيس «الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث» عام 2007، والتي تعمل على تحقيق العديد من الأهداف الاستراتيجية، من أبرزها ضمان جاهزية ومرونة المؤسسات والمجتمع في مواجهة المخاطر، وتطوير ورفع فاعلية وكفاءة العمليات الرئيسية في إدارة الطوارئ والأزمات والكوارث، بجانب نشر الثقافة والوعي عن إدارة الطوارئ والأزمات والكوارث في المجتمع. ولقد برهنت أزمة فيروس كورونا المستجد «كوفيد - 19» على نجاعة أفعال قيادة الإمارات في مواجهتها والحد من مخاطرها.
أما الرسالة الإيجابية الثانية، فهي بث الطمأنينة بين المواطنين والمقيمين بأن البنية التحتية لدولة الإمارات العربية المتحدة، في مجالات تقنية المعلومات والصحة وغيرها، هي من أفضل البنى التحتية على مستوى العالم. والبرهان على ذلك هو استجابة مؤسسات الدولة بشكل سريع وحاسم لتوجيهات القيادة بتطبيق إجراءات «التعليم عن بُعد» و«العمل عن بُعد»، بجانب استيعاب القطاع الصحي حالات الإصابة بالفيروس والتعامل معها، إضافة إلى العديد من النجاحات الأخرى في مختلف قطاعات الدولة بفضل البنية التحتية القوية. والرسالة الإيجابية الثالثة هي أن الدولة لديها خطط ناجحة للاستجابة لمختلف الطوارئ والأزمات بشكل عام وللأزمات الصحية بشكل خاص. ولقد أثبتت الخطة الوطنية للاستجابة للأوبئة المعدية التي وضعتها وزارة الصحة والجهات الصحية المحلية تحت إشراف «الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث» نجاحها اللافت في مواجهة أزمة فيروس كورونا والحد من مخاطره.
والرسالة الإيجابية الرابعة، كانت من المواطنين أولياء الأمور الذين استجابوا بصورة لافتة، تثبت مدى حبهم للوطن، لحملة البقاء في المنازل، وعدم الخروج إلا للضرورة القصوى، منفذين التعليمات كافة الصادرة من الجهات المعنية في تلك الحملة، وقاموا بشرح جوانبها ومخاطر مخالفتها لذويهم بصورة إيجابية ووطنية.
أما الرسالة الإيجابية الخامسة، فكانت من وزارة الاقتصاد، والتي بذلت جميع كوادرها، بالتنسيق مع دوائر التنمية الاقتصادية المحلية، أقصى جهودها على مدار الساعة لضمان توفر السلع كافة الغذائية والصحية في أسواق الدولة رغم استغلال فئة قليلة من الموردين الأزمة وقيامهم برفع أسعار العديد من السلع الضرورية لمستويات خيالية. وهنا نطالب الوزارة بضرورة محاسبة هؤلاء الموردين حسب قانون حماية المستهلك في الدولة وبعد زوال الأزمة، باعتبارهم تخلوا عن أبسط واجباتهم وقت الأزمات في الوقت الذي لم تبخل عليهم قيادة الدولة في وقت السلم بتوفير البنى التحتية والتشريعات والتسهيلات المناسبة لمزاولة أعمالهم التجارية.

*باحث إماراتي