في ديسمبر 2015 أطلقت منظمة الصحة العالمية مشروعاً خاصاً تحت مسمى «المخطط الأولي للأبحاث والتطوير»، وهو عبارة عن رصد لقائمة من الأمراض المعدية التي قد تتسبب في أوبئة محلية وإقليمية، أو حتى في جائحة عالمية لا تُبقي ولا تذر. وإذ لا تتوفر حالياً ًًًتطعيمات للوقاية من هذه الأمراض، أو علاج شاف منها، فإنها إذا تسببت في وباء عالمي، فستنتج عن ذلك كارثة صحية دولية بكل المقاييس، سيقف الطب الحديث أمامها عاجزاً مكتوف الأيدي.
والمثير في هذه القائمة، هو احتواؤها على مرض أطلق عليه لقب «مرض إكس» (Disease X)، أي المرض المجهول. هذه التسمية في الحقيقة تعبير عن إدراك الأطباء والعلماء بأن جائحة عالمية، شديدة الخطورة وواسعة المدى، قد تنتج عن جرثومة، لا يعرف الطب الحديث عنها شيئاً. ولذا هدف «المخطط الأولي للأبحاث والتطوير» إلى تفعيل وتمكين الاستعداد البحثي والتطوير عامة قدر الإمكان، عبر قطاع واسع وعريض من العلوم الأساسية والإكلينيكية، بشكل يمكن أن يساعد في المواجهة المحتملة بين الجنس البشري وبين وباء محتمل مجهول.
وغني عن الذكر هنا، أن وباء كورونا الحالي تنطبق عليه صفات وخصائص «مرض إكس»، في جميع السمات وفي أدق التفاصيل. ولذا فمن المؤسف أنه رغم إدراك المجتمع العلمي بحتمية ظهور هذا المرض، ورغم توقعات الكثيرين بذلك، فإن وباء كورونا أخذ العالم على حين غرة، ولم يسلم منه القصي ولا الداني، لا الفقير ولا الغني، ولا المتقدم ولا النامي.. والمدهش هو مستوى «عدم الاستعداد» الذي اتسمت به نظم الرعاية الصحية في دول العالم قاطبة، رغم توالي التحذيرات من جانب عدد كبير من أفراد المجتمع الطبي، ولعدة سنوات. ولذلك إذا ما كانت ثمة فائدة ترجى من الوباء الحالي، فيجب أن تكون التحضير والاستعداد للتحديات والمخاطر الصحية المستقبلية التي ستهدد شعوب العالم قاطبة، مثل زيادة مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية، ضمن الظاهرة المعروفة بالسوبر بكتيريا، وتبعات التغير المناخي على نظم الرعاية الصحية، والأمراض المزمنة التي تحصد حالياً حياة أكثر من 41 مليون شخص سنوياً، والتلوث البيئي المتزايد باستمرار، لدرجة أصبحت معها العديد من مدن وبيئات العالم غير صالحة للاستيطان البشري.. وغير ذلك كثير.

*كاتب متخصص في القضايا الصحية والعلمية