منذ إقرار القانون الوطني الذي صادق عليه الكونجرس الأميركي في 2001 قامت الحكومة الفيدرالية برصد أكثر من 8 مليارات دولار موجهة لتعزيز الدفاعات والرفع من استعداد الأجهزة الأمنية في مختلف المدن الأميركية من أجل التصدي الفعال لأي خطر يهدد الأمن الداخلي للولايات المتحدة· بيد أن القانون الوطني في نسخته الأصلية لم ينص صراحة على ضرورة تخصيص الأموال بناء على تقييم الخطر المطروح، حيث تم توزيع مليارات الدولارات بدون أن يجرى تقييم دقيق للخطر وتحديد واضح للحاجيات التي يجب أن توجه لها الأموال· علاوة على ذلك لاحظنا أن الحكومة الفيدرالية لم تضع معايير مضبوطة يقاس على أساسها مدى استعداد الجهات المعنية للتصدي لخطر الإرهاب ما يتيح لها الاستفادة من الأموال المخصصة وصرفها في موضعها المناسب·
والنتيجة المنطقية لذلك التخبط في الاستفادة من الموارد المالية المرصودة لتعزيز أمننا القومي هو تسرب الشك إلى نفوس دافعي الضرائب الأميركيين حول ما إذا كانت مليارات الدولارات التي يدفعونها تؤدي فعلا إلى رفع الاستعداد القومي في مواجهة الإرهاب· ومع الأسف جاءت كارثة إعصار كاترينا المدمر لتظهر مدى عجزنا عن المضي قدما في ذلك الطريق· ولإصلاح الوضع وتصويب اختلالاته على الكونجرس الأميركي أن ينتهز الفرصة الذهبية أمامه حاليا لإجراء الإصلاحات الضرورية· وتتمثل تلك الفرصة في اللجنة المشتركة التي تضم أعضاء من مجلسي النواب والشيوخ تسهر على إعادة تفعيل قانون ''الوطني'' بما يجعله قادرا على التعاطي مع تهديدات الإرهاب بفعالية أكبر تعيد الطمأنينة إلى نفوس الأميركيين·
وفي هذا الإطار مرر مجلس النواب نسخة من القانون في صيغة تحظى بموافقة الحزبين معاً تنص على ضرورة توزيع الأموال المخصصة لتعزيز دفاعاتنا القومية والرفع من استعدادنا في مواجهة الهجمات الإرهابية استنادا إلى تقييم دقيق لدرجة الخطر ونقاط الضعف التي تعاني منها الأجهزة المعنية· وطبقا لهذا القانون يتعين على مختلف الولايات أن ترفع خطة أمنية مفصلة، تحدد فيها المرافق التي تحتاج للتمويل، إلى وزارة الأمن الداخلي حيث ستقوم هيئة مكونة من كبار المسؤولين في الوزارة، فضلا عن مسؤولين من وزارة الفلاحة، بدراسة طلبات المساعدات المالية وتقييمها حسب الأولويات الملحة· لكن المشكلة تكمن في أن الصيغة الجديدة التي اقترحها مجلس النواب لن تصبح جزءاً من القانون الوطني النهائي ولن تتحول إلى قاعدة ملزمة إلا بعد موافقة ستة من أعضاء مجلس الشيوخ المشكلين للجنة المشتركة· ومع الأسف لا يوجد إلى غاية اللحظة سوى عضو واحد أبدى موافقته على الصيغة، ونرجو ألا يتأخر الخمسة الباقون في إعلان موافقتهم لتصبح بذلك قانونا ناجزا يعزز من قدراتنا الذاتية في حماية أنفسنا ضد الهجمات الإرهابية المحتملة، والحفاظ على حالة من اليقظة للتعاطي مع النتائج الكارثية لأية عملية كبيرة· ولا أعتقد أنه على الولايات الصغيرة والمناطق الريفية أن تقلق من الصيغة التي اقترحها مجلس النواب، ذلك أن المقاربة التي اعتمد عليها في مكافحة الإرهاب لا تتحيز إلى المناطق الحضرية الكبيرة على حساب المناطق الصغيرة· كما أنه لا توجد لدى مجلس النواب آراء مسبقة حول ما هو خطر وما ليس كذلك، بل يحاول المجلس من خلال الصيغة التي طرحها أن يبلور آلية موضوعية تمكننا من تقييم الأخطار الحقيقية، والثغرات التي يتعين معالجتها·
وبصرف النظر عن انتماء مجلس النواب إلى المناطق الكبيرة، أو الصغيرة فإن أعضاءه صوتوا بأغلبية ساحقة لصالح الصيغة المقترحة وعياً منهم بأن مسألة تقييم الأخطار تتجاوز التنافس بين الولايات لأن هدفها في النهاية هو ضمان حماية بلدنا·
ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز