تشهد الساحة الإماراتية حراكاً خيراً ومتابعة حثيثة من المواطن والإعلام المحلي، وهذه الظاهرة الإيجابية ما هي إلا نتاج طبيعي لديناميكية المجتمع الإماراتي وريادة تجربته ونجاحاته التنموية العديدة.
ومثل هذا الاهتمام ومثل هذه المتابعة أمر طبيعي، فنحن نعيش في ظل دولة ناجحة ومجتمع طموح، كما أن الاهتمام الكبير بالاتحاد ومؤسساته يعكس تفاؤلاً بالحكومة الجديدة وثقة بالقيادة السياسية الخيرة وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حفظهما الله. وتزخر صفحات الصحافة الإماراتية في هذه الأيام بالأخبار والتحليلات وهي تغطي النشاط المكثف وتتطلع إلى البرامج والتطورات المختلفة، ناقلة آراء المسؤولين ووجهات نظر المواطنين.
ومن الطبيعي أن يكون الاهتمام بالمجلس الوطني من المواضيع المهمة وخاصة بين مثقفي الوطن وأكاديمييه، فهم قبل غيرهم يمثلون نبض هذا المجتمع وإيمانه بأولوية ثروته البشرية. وفي ظل هذا الجانب تابعت، وبالكثير من الاهتمام، العديد من المقالات حول المجلس الوطني، وبطبيعة الحال المنصب المستحدث ألا وهو وزير الدولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي، ولابد لي أن أشير إلى العديد من الكُتاب الذين أقدِّر رأيهم وأثمِّن أقلامهم، ومنهم الإخوة محمد يوسف وعبدالغفار حسين وعبدالله علي الشرهان وعائشة سلطان ومحمد الحمادي، والدكتور محمد بن هويدن وعبدالرزاق المضرب وعبدالخالق عبدالله، وعائشة المري وراشد العريمي، فجملة هذه الآراء تمثل مساهمة غنية وتطرح تساؤلات مهمة وفوق هذا وذاك هي آراء متفائلة بهذا الوطن وأبنائه.
وفي هذه المساحة، أود أن أطرح بعض التصورات إغناءً للحوار وإثراءً للتواصل، وهدفنا الذي نطمح إليه جميعاً رفعة هذا الوطن الذي يجمعنا تحت ظله والذي نعرف أنفسنا وهويتنا من خلاله. ولعلنا نتفق أننا، وفي سعينا لتعزيز دور مؤسساتنا السياسية، وخاصة المجلس الوطني الاتحادي، نسعى جميعاً إلى تعزيز استقلاليته كمؤسسة دستورية أساسية تمثل القناة التمثيلية الرئيسية للمواطن الإماراتي، ومثل هذه الاستقلالية لابد من صيانتها وتأكيدها.
ومن هذا المنطلق نجد أن دور وزير الدولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي وأمانته العامة، دور تنسيقي في المهمة القادمة والمتضمنة تفعيل دور المجلس من خلال برنامج متدرج وواضح، وبطبيعة الحال التنسيق غير الإشراف، فاستقلالية المجلس تبقى الهدف الأول للتطوير والتفعيل السياسي القادم.
ومن جهة أخرى، لابد أن أشير إلى أن العديد من الدول لديها وزارات مشابهة، وتختلف المسميات، فمنها وزارات شؤون برلمانية ووزارات شؤون نيابية أو وزراء دولة يقومون بهذا الدور التنسيقي بين السلطة التنفيذية والمجالس النيابية.
واستحداث مثل هذا المنصب في دولة الإمارات ما هو إلا ترجمة لقناعة سياسية بضرورة وأهمية مجلس وطني يواكب متطلبات المرحلة القادمة، ولعل الدكتور محمد بن هويدن وفي عرضه لتجارب بعض الدول، تطرق لبعض الأمثلة لمثل هذه الوزارات البرلمانية على اختلاف تفاصيل مهامها.
ولابد أن نضيف أن مثل هذه الوزارات تقوم أساساً بثلاثة أدوار رئيسية، تختلف درجتها من تجربة إلى أخرى، فهناك الدور التنسيقي الذي قد يكون دقيقاً في تفاصيله كالحالة الهندية، وهناك دور التنمية السياسية الذي نجد نموذجاً له في التجربة الأردنية، وهناك أيضاً الدور الإعلامي والتنويري فيما يتعلق بالشأن النيابي. وتختلف المحاور الثلاثة باختلاف تجارب الأمم والشعوب، فبينما تسود المهمة التنسيقية في الديمقراطيات العريقة كالهند، وتدخل في العديد من التفاصيل كما ذكرنا، نجد أن العديد من الدول النامية وفي سعيها لبناء مؤسساتها السياسية، تعطي الأولوية للشقين الآخرين.
ومن هذا المنطلق ندرك أن مهمة وزير الدولة لشؤون المجلس الوطني وأمانته العامة، ترتكز على هذه المحاور الثلاثة، وأول هذه المهمات التنسيق بين السلطة التنفيذية ومجلس وطني مستقل، والمساهمة في تعزيز دور المجلس الوطني الاتحادي، وهي خطوات تحددت معالمها في خطاب صاحب السمو رئيس الدولة في الأول من ديسمبر 2005، تسعى إلى تفعيل دور المجلس الوطني الاتحادي من خلال تحديث سياسي متزن ومتوازن. وفي سبيل تحقيق هذه الأهداف الوطنية نجد أن إحدى ضرورات المرحلة هي الاتصال بالمواطن وإعلامه وتنويره برؤية صاحب السمو رئيس الدولة، وتفعيل دوره ومساهمته من خلال هذا الإطار، ويتطلب ذلك بطبيعة الحال، عرض مرئيات الحكومة حول برنامجها للتنمية السياسية بين مواطنيها.
ونحن مقبلون على هذا الشق الديناميكي لتجربة الإمارات، ندرك أن التنمية المتوازنة تتطلب تفعيل الشق المؤسسي وعلى رأسه دور المجلس الوطني الاتحادي، ولابد لنا جميعاً أن نلتف حول هذا البرنامج الوطني والذي يمثل نقلة مهمة للمشهد الإماراتي وتضيف إلى رصيده الخير عمقاً محموداً وبعداً تمثيلياً ضرورياً.