كان هناك تلميح من قبل هيلاري كلينتون، وباراك أوباما، وجون إدواردز، إلى أنه لا يوجد بين مواقفهم ومواقفي سوى فارق ضئيل بشأن العراق. وهو تلميح ليس بالصحيح، لأن الحقيقة هي أنني المرشح "الديمقراطي" الوحيد الملتزم بإخراج جميع القوات الأميركية من العراق، وعلى وجه السرعة. في المناظرة الأخيرة سألت المرشحين الآخرين عن أعداد القوات التي يقترحون تركها في العراق... ولأي غرض؟ ولكنني لم أحصل على إجابات. والشعب الأميركي بحاجة إلى إجابات في هذا الخصوص، لأننا لو انتخبنا رئيساً يرى أن القوات يجب أن تبقى في العراق لسنوات، فإن معنى ذلك هو أنها ستظل هناك لسنوات، وهذا سيكون خطأ مأساوياً. إن هيلاري وأوباما وإدواردز يعكسون ذلك النمط من التفكير السائد في الدوائر المسؤولة في واشنطن، والذي يرى أن الانسحاب الكامل للقوات الأميركية سوف يكون بشكل من الأشكال سياسة "غير مسؤولة"، على رغم أن الحقائق تشير إلى الانسحاب السريع والكامل (وليس من خلال عملية طويلة على غرار ما تم في فيتنام) هو الذي سيمثل سياسة فعالة ومسؤولة إلى أقصى حد. إن هؤلاء الذين يعتقدون أننا بحاجة إلى الاحتفاظ بقوات في العراق لا يفهمون الشرق الأوسط. لقد سبق لي الالتقاء والتفاوض الناجح مع العديد من الزعماء الإقليميين بما فيهم صدام حسين، وهو ما يجعلني مقتنعاً بأن الانسحاب الكامل هو فقط الذي يمكن أن يُحدث تحولاً كافياً في سياسات العراق وجيرانه ويؤدي إلى حلحلة الأوضاع التي استمرت طويلاً وكانت سبباً في مصرع الكثير من الناس. لقد فعلت قواتنا كل ما طُلب منها بشجاعة وحِرفية، ولكن يجب أن نعرف أن هذه القوات لا يمكن أن تكسب حرباً أهلية بالنيابة عن آخرين. فطالما ظلت القوات الأميركية في العراق فإن معنى ذلك هو أن المصالحة بين الفرقاء العراقيين ستظل مؤجلة. فبقاء تلك القوات هناك يتيح للعراقيين إمكانية تأجيل اتخاذ الخطوات اللازمة لإنهاء العنف من ناحية، ومن ناحية أخرى فإنه سيمنعنا من استخدام الدبلوماسية من أجل إقناع دول أخرى بالمساعدة في تحقيق الاستقرار في العراق وإعادة بنائه من جديد. علاوة على ذلك فإن بقاءنا هناك يضعف من قدرة قواتنا على مواجهة تنظيم "القاعدة"، ويعزز الدعاية المناوئة لأميركا التي يقوم بها هؤلاء الذين يصورون أميركا على أنها قوة احتلال هدفها نهب ثروات العراق النفطية وقمع المسلمين. وفي اليوم الذي سنغادر فيه العراق فإن هذه الخرافة ستتداعى وسيطرد العراقيون "الجهاديين" من بلادهم. كما أن رحيلنا سيمكننا أيضاً من التركيز على إلحاق الهزيمة بالإرهابيين الذين هاجمونا في الحادي عشر من سبتمبر، والذين توجد قياداتهم في المنطقة الممتدة على طول الحدود الباكستانية- الأفغانية وليس في العراق. ومن الناحية اللوجستية، أعتقد أنه سيكون بإمكاننا الانسحاب خلال قترة تتراوح ما بين ستة إلى ثمانية شهور. وأنا أعتمد في تقديري لهذه الفترة على حقيقة أننا حرّكنا قرابة 240 ألف جندي إلى داخل العراق وخارجه خلال فترة قصيرة لم تتجاوز 3 شهور خلال عمليات تدوير القوات الرئيسية، وهو ما يدل بالتالي على أننا قادرون على إعادة نشر القوات بشكل أسرع من ذلك خصوصاً إذا ما تفاوضنا مع الأتراك من أجل فتح ممر لخروج قواتنا عبر أراضيهم. وعندما يبدأ انسحابنا فسنكتسب قوة دفع، وتأثيراً دبلوماسياً، لأن العراقيين في تلك الحالة سيبدؤون في النظر إلينا كوسطاء وليس كمحتلين، كما سيبدأ جيران العراق عند ذلك في مواجهة حقيقة أنهم إذا لم يساعدوا في عملية تحقيق الاستقرار فإنهم سيواجهون عواقب انهيار العراق. ويمكن للولايات المتحدة أن تسهّل المصالحة العراقية، والتعاون الدولي من خلال عقد مؤتمر مماثل لذلك الذي حقق السلام في البوسنة. وسنكون في مثل هذه الحالة بحاجة إلى مفاوضات بشأن الأمن الإقليمي بين جيران العراق، وإلى إجراء مناقشات بشأن الهبات التي يجب أن تمنح من الدول الغنية من أجل المساعدة في بناء العراق. إن أياً من هذه الأشياء لن يتحقق إذا لم نعمل على إزالة أكبر عقبة تعترض طريق الدبلوماسية ألا وهي وجود القوات الأميركية في العراق. وأرى أن خطتي واقعية لأسباب هي: - أنها أقل خطورة من غيرها، لأن سحب بعض القوات وترك بعضها سيجعل هذا البعض الأخير معرضاً للخطر. - أنها ستساعد على انتشال قواتنا من المستنقع الذي علِقت فيه، وتعيد تأهيلها من أجل التفرغ لمواجهة التحديات الحقيقية التي تواجهنا. - عندما يتم تسريع عملية السلام فإن احتمال استمرار نزيف الدماء لمدة طويلة سيتناقص. لقد سحب الرئيس نيكسون قواتنا في فيتنام ببطء مما ترتبت عليه عواقب وخيمة. فخلال الفترة التي استغرقها ذلك الانسحاب والتي بلغت سبع سنوات لقي 21 ألف أميركي وما يقارب مليون فيتنامي-معظمهم من المدنيين- مصرعهم دون فائدة حقيقية. وبمجرد أن خرجت قواتنا من فيتنام سيطر الشيوعيون على كل شيء. - إن موقفي من موضوع العراق ومنذ أن دخلت هذا السباق كان واضحاً تمام الوضوح وهو: علينا إخراج كافة القوات، وتدشين جهد دبلوماسي جبار في الساحتين العراقية والدولية من أجل تحقيق الاستقرار. وأنه إذا ما أخفق الكونجرس في إنهاء هذه الحرب فإنني سأعمل على إخراج جميع القوات بدون تأخير، وبدون تردد، في أول يوم أتولى فيه مهام منصبي. علينا أن نتوقف عن التظاهر بأن خطط جميع "الديمقراطيين" متماثلة. إن الشعب الأميركي يستحق إجابات دقيقة من أي شخص سيكون قائداً أعلى لقواته المسلحة على أسئلة مثل: كم هو عدد القوات الذي ستتركه في العراق؟ وإلى أي مدى زمني؟ ومن أجل أي هدف على وجه الدقة؟ ووسائل الإعلام من جانبها مطالبة بأن توجه هذه الأسئلة للمرشحين بدلاً من السماح لهم بمواصلة ترديد أقوال مثل: "نحن ضد الحرب... ولكن نرجوكم ألا تقرؤوا ما هو مكتوب بحروف صغيرة". بيل ريتشاردسون ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الحاكم السابق لولاية نيومكسيكو وأحد مرشحي الحزب "الديمقراطي" المحتملين لخوض الانتخابات الرئاسية ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ينشر بترتيب خاص مع خدمة "لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست"