قبل ما يزيد على الخمس سنوات، أنشأ كل من الكونجرس والرئيس بوش، لجنة التحقيقات في هجمات 11 سبتمبر. وكان الهدف من إنشاء اللجنة هو توفير أقصى ما يمكن من معلومات لعامة الشعب الأميركي، عن حقائق وملابسات تلك الهجمات الإرهابية التي وقعت على البلاد في عام 2001، إلى جانب تقديم التوصيات اللازمة لتفادي تكرار وقوع هجمات مثلها في المستقبل. وما أن تم تشكيل اللجنة المذكورة، حتى سارع رئيس موظفي مكتب الرئيس، إلى توجيه كافة الأجهزة التنفيذية بالتعاون التام معها. وقد حظيت اللجنة بتفويض واسع، شمل فيما شمل صراحةً، التعامل مع الوكالات الاستخبارية. غير أن المعلومات التي تكشفت مؤخراً عن إتلاف وكالة "سي آي إيه" لأشرطة فيديو اشتملت على تحقيقات مع عدد من قادة تنظيم "القاعدة"، إنما تقودنا لاستنتاج فشل الوكالة هذه في الاستجابة لمطالبتنا المستمرة لها بتوفير المعلومات القانونية، ذات الصلة بمؤامرة هجمات 11 سبتمبر. ويعني هذا عرقلة مسؤولي الوكالة الذين كانوا على علم بأمر هذه الأشرطة ولم يخبرونا بها، لمهمة التحقيق التي كلفنا بها. ومما لا ريب فيه، معرفة جميع موظفي البيت الأبيض، وكذلك العاملين في وكالة "سي آي إيه"، لحاجتنا الماسة في لجنة التحقيقات، لأي معلومة لها صلة بمعتقلي وسجناء تنظيم "القاعدة" المشتبه في أن لهم صلة بالهجمات التي نتولى أمر التحقيق فيها. ولكن مع ذلك، فما من أحد من البيت الأبيض أو الوكالة، كلف نفسه بمهمة إخبارنا بوجود أشرطة فيديو ضمت تحقيقات مع بعض معتقلي تنظيم "القاعدة"! وما أن نشرت وسائل الإعلام تقارير عن تسجيل وكالة "سي آي إيه" لمئات الساعات على أشرطة الفيديو لتحقيقات جرت مع اثنين على الأقل من كبار معتقلي تنظيم "القاعدة" في عام 2002، وربما في أوقات أخرى، حتى سارعنا نحن الذين كلفنا بإجراء التحقيقات فيها، إلى مراجعة سجلاتنا. وعندها تبيّن لنا أننا طالبنا مراراً بتوفير ذات النوعية من المعلومات التي ربما تكون أشرطة الفيديو التي تكشّف أمرها لاحقاً قد حوتها. يذكر أنه لم يكن ثمة تفويض للجنة بالتحقيق في كيفية معاملة سجناء تنظيم "القاعدة"، وأن تفويضها كان يقتصر على التحقيق في تاريخ التنظيم ومراحل تطوره، إلى جانب تقصِّي تاريخ وملابسات تخطيط وتنفيذ هجمات 11 سبتمبر. ومنذ شهر يونيو من عام 2003، طالبنا في اللجنة بتوفير كافة المعلومات الاستخبارية التي تغطي مواضيع واسعة ومتشعبة، مما توفر خلال التحقيق مع 118 من المعتقلين الذين حددوا بأسمائهم، بمن فيهم بالطبع، أبو زبيدة وعبدالرحيم الناشري، وهما من كبار أعضاء التنظيم. وفيما يبدو فقد حوت أشرطة الفيديو المشار إليها، تسجيلاً للتحقيقات التي أجريت معهما، إلا أنها أتلفت لاحقاً. وكانت وكالة "سي آي إيه" قد أمدتنا بالكثير من التقارير، التي لخصت المعلومات التي تم الحصول عليها من خلال التحقيقات. غير أنها أثارت من الأسئلة، بقدر ما قدمت من الإجابات. وعندها كان قد أكد لنا مسؤولون بالوكالة، استعدادهم للإجابة عن أي تساؤلات محددة نطرحها عليهم. وعليه فقد أرسلنا مجموعة أخرى من الأسئلة لمجلس عام الوكالة، في أكتوبر من عام 2003، بما فيها عدد من الأسئلة المحددة عن التحقيقات مع أعضاء التنظيم المعتقلين، بمن فيهم أبو زبيدة. وفي الوقت نفسه شملت مجموعة أخرى من الأسئلة، استفسارات محددة وذات أهمية بالغة من وجهة نظرنا، حول سير ترجمة التحقيقات، وكذلك عن خلفية المحققين، والكيفية التي تعامل بها المحققون مع عدم اتساق أقوال وإفادات الذين يجري التحقيق معهم، وعن الأسئلة المحددة التي أثيرت بغرض الحصول على المعلومات من السجناء، وطريقة متابعة المحققين لخيوط معينة في سير التحقيق، إلى جانب الاستفسار عن سياق التحقيقات نفسها، كي يتسنَّى لنا تقييم مدى مصداقية وسلوك المعتقلين، لحظة الإدلاء بأقوالهم وإفاداتهم للمحققين، إلى جانب الوقوف على تقييم وآراء المحققين أنفسهم لتلك الإفادات والأقوال. وقد استجاب مجلس عام وكالة "سي آي إيه" لكل تلك الاستفسارات، بتقديم إجابات غير محددة عنها. كما لم يشمل الرد على استفسارنا أي توضيح من قبل مجلس عام الوكالة لوجود أشرطة فيديو حوت تسجيلاً للتحقيقات مع بعض المعتقلين. ولما لم تكن تلك الاستجابة مُقنعة بالنسبة لنا، فقد قررنا حينها، إجراء تحقيقات مباشرة من جانبنا مع المعتقلين، بمن فيهم أبو زبيدة وعدد آخر محدود من كبار الأعضاء في التنظيم. غير أن جورج تنيت، المدير السابق لوكالة "سي آي إيه"، أخبرنا بعدم إمكانية إجرائنا تحقيقات كهذه، خلال اجتماع على مأدبة غداء جمعتنا في الثالث والعشرين من ديسمبر عام 2003. وعندها طالبناه خلال الاجتماع المذكور بأهمية توفير الوكالة لأي معلومات أو وثائق لها صلة بالأسئلة التي أثرناها من جانبنا، حتى وإن لم تطالب بها اللجنة مباشرة. وفي معرض استجابته لذلك الطلب، رد تنيت مشيراً إلى عدد من الوثائق التي اعتقد أنها ستكون مفيدة بالنسبة لنا، ولكن دون أن يبادر هو، أو أي من مسؤولي الوكالة الذين كانوا في ذلك الاجتماع، بالإشارة إلى وجود أشرطة الفيديو. ثم تلا ذلك الاجتماع، اجتماع آخر مشترك، عقد في الحادي والعشرين من شهر يناير 2004، شمل جورج تنيت، ومستشار البيت الأبيض، ووزير الدفاع، إلى جانب عدد من ممثلي وزارة العدل. إلا أنه انتهى كسابقه، إلى حرمان اللجنة من حق التحقيق المباشر مع المعتقلين. كما لم يرد في هذا الاجتماع أيضاً أي ذكر لأشرطة الفيديو. وهكذا يتكشّف لنا عجز جميع المسؤولين المعنيين، عن توصيل معلومات بكل هذه الأهمية للجنة كلفها الرئيس والكونجرس بالتحقيق في هجمات 11 سبتمبر! ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ توماس إتش. كين ولي إتش. هاميلتون ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ رئيس ونائب رئيس لجنة التحقيقات في هجمات 11 سبتمبر ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ينشر بترتيب خاص مع خدمة "نيويورك تايمز"