تسعدني العودة في زيارة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، وهي الثالثة لي كوزير للخارجية. وها أنا أعود في نهاية سنة مميزة جداً، حيث تحتفل الإمارات بإنجازاتها على مدى 40 عاماً وتفتخر بالوحدة التي شكلتها. كما كانت هذه السنة مميزة بالعلاقات بين المملكة المتحدة ودولة الإمارات العربية المتحدة. ففي ظل الآلية الفريدة لفريق العمل البريطاني الإماراتي تحت رئاستي ورئاسة سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية، تضافرت جهود حكومتينا لتحقيق نجاحات ملموسة في كافة المجالات الثنائية، ومن بينها: اتفاقية حول أمن الطيران، وتغييرات بالترتيبات القنصلية لمساعدة البريطانيين والإماراتيين العديدين الذين يعيشون أو يزورون بلدينا، وإحراز تقدم بنظام التأشيرات، وتشكيل منتدى لكبار رجال الأعمال البريطانيين والإماراتيين للمساعدة في الدفع قدماً بطموحاتنا التجارية والاستثمارية، وعقد ندوة مشتركة حول التنمية. وفي اعتقادي أنه ما كانت هذه النجاحات لتتحقق لولا أن العلاقات بين بلدينا راسخة وتعمّها الثقة. وكان رئيس الوزراء ديفيد كاميرون قد أوضح جلياً لدى توليه رئاسة الوزراء في العام الماضي، بأن دولة الإمارات العربية المتحدة واحدة من الدول التي يتعين الارتقاء بعلاقاتنا معها وتكثيفها. وكانت الاتصالات الشخصية بناءة جداً، حيث بدأها مبكراً رئيس الوزراء ووزير الدفاع بزيارة إلى الإمارات، وبالطبع تلت ذلك الزيارة الخالدة التي قامت بها صاحبة الجلالة الملكة وصاحب السمو الملكي دوق إدنبرة في شهر نوفمبر من العام الماضي. وقد استمر ذلك الزخم طوال عام 2011 من خلال تواصل وزراء بريطانيين مع أصدقاء وزملاء لهم في الإمارات. كما تشرفت المملكة المتحدة خلال نفس الفترة باستضافتها لكبار مسؤولي الحكومة الإماراتية، بما في ذلك الزيارات التي قام بها مؤخراً الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة وسمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية في شهر أكتوبر الماضي. ومن أهم مجالات التعاون بين بلدينا، السياسة الخارجية. فقد أبرزت أحداث من أنحاء المنطقة، من تونس إلى سوريا، لتمثل تحديات غير مسبوقة بحاجة لرد دولي واضح. والجدير بالذكر بشكل خاص قدرتنا على الاشتراك بقيادتنا للتدخل الدولي في ليبيا. فقد طالب رئيس الوزراء كاميرون باتخاذ إجراء في ليبيا بمجرد أن اتضحت الحاجة لحماية الشعب الليبي من القوات الوحشية التابعة للقذافي. وكانت الإمارات من أوائل شركائنا الذين اتجهنا إليهم لحشد التحالف. وقد ساعدت قيادة الإمارات، بما في ذلك داخل مجلس التعاون الخليجي، في ضمان أن يتفهم الشركاء في المنطقة ضرورة فرض منطقة حظر جوي وكذلك أهمية قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1973. وبالتالي فقد كانت الإمارات وقطر شريكين مهمين لنا في فرض منطقة الحظر الجوي لوقف معاناة وقتل المدنيين الأبرياء. وكان الدور الذي لعبه دبلوماسيون وعسكريون بريطانيون ومنظمات إنسانية من البلدين دوراً نموذجياً. وبالطبع سيواصل البلدان تقديم الدعم لذلك البلد المحرر حديثاً، لكن تقرير المستقبل شأن متروك للشعب الليبي نفسه. ونحن باقون على التزامنا بمساعدة الشعب الليبي في بناء مستقبل ينعم فيه بالأمن والعدل والرخاء، ومعاونته فيما يتطلع إليه من حماية لحقوق الإنسان وتأسيس حكم ديمقراطي. هناك أيضاً العديد من الأمثلة الأخرى على تبادلنا لوجهات النظر وعملنا مع بعضنا البعض خلال السنة الحالية. فالمملكة المتحدة تؤيد كل التأييد مبادرة مجلس التعاون الخليجي بشأن اليمن، والتي قادتها الإمارات كرئيس لدورة المجلس. كما نشترك بقلقنا تجاه تدهور الأوضاع في سوريا وإجراءات القمع الوحشي التي يديرها النظام هناك. كما أن بلدينا يشتركان في القلق بشأن الأحداث في إيران. ومن الضرورة بمكان أن يواصل المجتمع الدولي الوقوف بحزم وأن يزيد ضغوطه على إيران إلى أن توافق على العودة إلى طاولة المفاوضات وتبدأ العمل جدياً على تبديد المخاوف الدولية بشأن برنامجها النووي. وهنالك بالطبع الكثير من المجالات الأخرى التي شهدت تعاوناً بيننا. والعلاقات الوطيدة بين بلدينا التي جرى تأكيدها بمعاهدة الصداقة الموقعة في عام 1979، والتي جددناها أنا وسمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان في العام الماضي، تعود بالنفع على كلا بلدينا. فقد أوضحت الاتفاقية بأن المملكة المتحدة والإمارات العربية المتحدة سوف تتشاوران وقت الحاجة في المجالات ذات الاهتمام المشترك، وستعززان الروابط فيما بينهما. ومن واقع النجاحات التي حققناها حتى الآن وفرص المزيد من التعاون فيما بيننا كحلفاء مقربين، أتطلع إلى علاقاتنا مستقبلا بكل ثقة بشأن ما يمكننا تحقيقه معاً.