فجأة ودون أدنى مقدمات انهالت جريدة «العرب» القطرية الإخوانية بالانتقادات العنيفة ضد دولة الإمارات. وذات الصحيفة سبق أن نشرت تقريراً مطولاً عن العديد من الرموز والشخصيات والمثقفين الإماراتيين، تجنّت على الكثيرين منهم، كما سبق لها في مرات متكررة تأليف أحداث مختلقة ونسبتها للدولة. هناك إذن أصابع خفية تحرّك هذه الصحيفة، وتوجه بوصلتها نحو الإساءة للإمارات، ويأتي ذلك كله وسط صمت غريب من الجهات الرسمية القطرية التي يفترض فيها أن تكون الضابطة لمثل هذه التّفلتات التي تحدث مزيداً من الإضرار لعلاقة البلدين. ورغم أن معالي الدكتور أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية، نفى علناً ذلك السيناريو الممجوج الذي قامت الصحيفة بتأليفه، وادّعت بموجبه أن قوات الأمن الإماراتية ألقت القبض على ثلاثة مواطنين قطريين، فإن الصحيفة لم تعتذر عن ذلك السيناريو الذي ذهبت فيه إلى أن القطريين الثلاثة المزعومين اقتيدوا إلى أحد سجون الدولة! وانطلقت بعض الأقلام القطرية ممتطية بساط الخبر الكاذب لتزيد في إساءتها للدولة ومسيرتها وشعبها ورموزها، دون مراعاة لأية معايير مهنية أو أخلاقية، ودون التفكير فيما تقوم به حكومة بلدهم من استهداف لجيرانها، وزعزعة المنطقة باحتضان قادة التنظيم الإخواني المتأسلم الذي لفظه أهله في بلد المنشأ، وتوفيرها لأب التنظيم الروحي، شيخ الفتنة المدعو يوسف القرضاوي، منبراً لمهاجمة الدولة، والتهجّم على مختلف دول المنطقة. ويبدو أن هؤلاء الذين أطلقوا أقلامهم بالشتائم المغلفة التي لا تحمل منطقاً أو حجة، نسوا تماماً أن التعذيب وقمع الحريات لا يتم في دولة لم تسجّل في تاريخها سجن شاعر بسبب قصيدة، ولا يتم التعذيب والتعدّي على حريات الآخرين في دولة لا تدفع الرشاوى، ولا تنتهج الطرق الملتوية، ومناهج تحت الطاولة لكي تفوز بحدث رياضي عالمي كبير.. ولا يمكن أن يحدث التعذيب وقمع الحريات في دولة لا تنكص بعهد قطعته على نفسها أمام الدول الخليجية الشقيقة بوقف دعم الإرهاب والتوبة عن درب الضياع الذي وضعها في عزلة جعلتها تتخبط يميناً ويساراً على غير هدى.. ولا يمكن أن يتم القمع والتعذيب في دولة لا تدعم الإرهابيين لتدمير البنى التحتية للشعوب والبلدان المسلمة. فدولة الإمارات التي ذهبت الصحيفة القطرية لتحذير المواطنين القطريين من السفر إليها، تكفي جولة عشوائية في أيّ شارع من شوارعها لملاحظة عدد السيارات التي تسير بأمان بين بقية السيارات الأخرى، وهي تحمل لوحات مرور قطرية. فصحيفة «العرب» القطرية التي أطلقت هذا التحذير البائس للمواطنين القطريين من التوجه إلى الإمارات، ضمن السيناريو البائس لاستهداف الدولة، لم تكلّف نفسها بالذهاب لمطار الدوحة، والوقوف على حركة المسافرين من وإلى مختلف مطارات الإمارات، وسؤال العائدين ما إن كانوا قد تعرّضوا لأية مضايقات، حتى ولو كانت غير مقصودة! غير أن غياب معيار الأخلاق المهنية، وغياب المهنية في حدّ ذاتها، واللاموضوعية في الكلام المكتوب، تبقى خير عنوان لما تحاول به هذه الصحيفة تلويث عقل القرّاء، فليس هناك مصدر مذكور، وليس هناك تعريف بكيفية الحصول على الخبر، ولم يتم ذكر السجن المزعوم، ولا ما إن كان صحفيو الصحيفة قد شاهدوا من أسموهم بالمعتقلين، وهل شاهدوهم وهم يُعذّبون؟ وأين؟ كلها أسئلة لا يمكن أن تفوت على قارئ حصيف. وحاول بعض الكتّاب القطريين اختزال المشكلة القائمة، والتي أدّت لسحب السفراء، بما يدور من أحداث على أرض الكنانة، وهو تحليل يحاول صرف الأنظار عن الأسباب الحقيقية، والتي أعلنتها الإمارات بكل شفافية، وهي إيواء قطر لقادة التنظيم الإخواني المتأسلم، وفي الوقت ذاته مساعدتهم على استهداف الدولة بتوفير المنابر والدعم التمويلي واللوجستي، والتخطيط لأعضاء الخلية الإخوانية الإرهابية لعمل كل ما من شأنه الإضرار بدولة وشعب الإمارات، وما يرتبط بهما من خصوصية ونهضة وبنية تحتية. وتتعرض قطر حالياً لكثير من المصاعب بفضل سياساتها التي أزعجت الكثيرين، فقناة «الجزيرة» التي قامت ببذرها وسقيها ورعايتها، عاثت في المنطقة فساداً وأوصلتها إلى هذا الوضع الكارثي الذي تعيشه اليوم، ولازالت تواصل مسيرتها لصبّ مزيد من الزيت على النار المشتعلة في كل مكان، وقضية منظمة «الكرامة» الإرهابية القطرية التي فضحت قائدها الإرهابي المدعو عبدالرحمن النعيمي، كلها إجابات واضحة على كذب ادّعاءات الصحيفة القطرية، وفضح الطريقة التي يتم التعامل بها هناك مع الأمور، فعبدالرحمن النعيمي ومحمود الجيدة، كانا من أكثر مستهدِفي دولة الإمارات، وأثبتت المحاكمات التي أجرتها الإمارات بكل شفافية لمنتسبي الخلايا الإرهابية السريّة، وعبر اعترافات المتهمين، بأنهما كانا يمولان التنظيم السرّي بالإمارات ويخططان له. وتعدّ التهم الاستباقية من الصحيفة لدولة الإمارات، وسيلة مراوغة لتشتيت الانتباه عن العمّال الذين أضربوا بقوة في سابقة لم تشهدها الدوحة، وذلك احتجاجاً على الأوضاع المأسوية التي يعيشونها، مما أثار الرأي العام العالمي، خاصة وأن الشرطة قد أخلتهم بالقوة من مساكنهم، وتعاملت معهم بطرق غير مرضية. وفي ذات الوقت تعيش قطر محنة فضح الحقائق التي جعلت فرص استضافتها لكأس العالم عام 2022 تتضاءل بعدما فضحت وسائل الإعلام مختلف الرشاوى التي تمت لضمان الفوز بالاستضافة، وجرف السيل معه العديد من الأسماء الغربية التي ما كان أحدُ يتخيّل إمكانية ضلوعها بمثل هذه الفضائح الكارثية، بينما اتّضحت جليّا علاقتها بـ«داعش» التي عاثت في الأرض فساداً، وأعلنت ما أسمته «دولة الخلافة الإسلامية»، والإسلام بريء من فهمهم المغلوط لنصوصه. وقد اتضح أن الداعم الحقيقي لـ«داعش» هو دولة قطر، فما السرّ في العداوة على مستوى التصريحات، والتنسيق على مستوى الواقع الملموس بين قطر وإيران يا ترى؟