تروج بعض القنوات الفضائية منذ فترة ليست بالقصيرة ومنها الجزيرةالفضائية جاهلة أو متجاهلة أن الجماعات الإرهابية القائمة اليوم مثل «القاعدة» و«داعش» جماعات متطرفة لا صلة لها ب«الإخوان المسلمين» إطلاقا ! وهي جماعات لها إيديولوجياتها الخاصة ونهجها المتطرف المنفرد عن «الإخوان»، وأهدافها المستقلة عن أهداف جماعة «الإخوان المسلمين»! وهذاكان كذلك الشغل الشاغل في المرحلة السابقة من بعض رموز الإخوان في الخليج صرحوا به تلميحا أو تصريحا عبر الفضائيات وعبر مواقع التواصل الاجتماعي وبعض التسجيلات المسموعة والمرئية، ساعين بذلك لترويج فكرة نفي صلة هذه الجماعات -المتطرفة والخارجة عن قيم الإسلام- بالإخوان. وبالتتبع والاستقراء تاريخياً في تكوين جماعة «الإخوان المسلمين» يتضح بجلاء أن «الإخوان» على صلة وثيقة بأعمال العنف والتطرف. والعنف رافد مهم من روافد عقيدة الجماعة. فمنذ أن أنشأ مؤسس الجماعة حسن البنا جماعة «الإخوان» سنة 1928م كلف القيادي «الإخواني» عبدالرحمن السندي بتشكيل التنظيم السري العسكري ل«الإخوان»، ويسمى أيضا النظام السري، ويقوم على التدريب على السلاح والمتفجرات والاغتيالات، وقد طبق هذا التنظيم العسكري الإخواني العنف على أرض الواقع في تلك الحقبة، باغتيال قضاة وعلماء من الأزهر، واستمر هذا النهج منذ نشأت الجماعة، مروراً بتأسيس «الإخواني» نشأة شكري مصطف ىجماعة «التكفير والهجرة» في السبعينات، وهي جماعة لا ترى الإسلام إلافي من ينتسب لها ولفكر مؤسسها الإخواني، ومن ثم سلك أفراد الجماعة طريق العنف والاغتيالات، ثم خرجت الجماعات «الجهادية»، والتي كان جميع أفرادها من تنظيم «الإخوان المسلمين» في مصر وقاموا باغتيال الرئيس أنور السادات، ثم اتسعت الدائرة إلى التفجيرات والاغتيالات للسياح في الثمانينات والتسعينات، وإلى يومنا هذا ما زالت عجلة عنف الإخوان وإرهابهم تدور في مصر وخارجها. إن الفكر المتطرف متأصل في هذه الجماعات ويتطور بشكل مستمر والتاريخ لا يكذب وشواهده لا يتسع المقام لذكرها، فابن لادن والظواهري يعرف الجميع بانتمائهم للجماعة وتأثرهم الكبير بنهجها وبفكر مُلهم الجماعة سيد قطب الذي يُعد مرجعا فكريا وتكفيريا لجميع الجماعات المتطرفة اليوم، وتجسد الجماعات المتطرفة اليوم على أرض الواقع أهداف التنظيم السري العسكري للإخوان المسلمين والذي أسسهحسن البنا ورسم نهجه وحقق أهدافه القيادي في تنظيم الإخوان عبدالرحمن السندي، واليوم فقط تغيرت الأسماء التي تؤدي ذلك الدور وتحقق تلك الأهداف التي رسمها تنظيم الإخوان المسلمين وخطها في دستوره. إن الواقع يشهد بأن جميع الجماعات المتطرفة خرجت من تحت عباءةالإخوان، وتحقق ذات الأهداف وتنادي بما ينادي به الإخوان من تكفيروتفجير وقتل للناس وسعيا للخلافة الإسلامية المزعومة، ولا ريب أن هذه الجماعات اليوم ومن قبل كل من يمدها بالمال والدعم هم الإخوان ومن يقف خلفهم مؤمناً بفكرهم داعما لهم، ومن تتبع جامعي الأموال في الخليج خصوصا وَجَدَ جلهم -إن لم نقل كلهم- من الإخوان المسلمين الذي يدعمون الجماعات المتطرفة تلبيساً وتدليساً على الناس باسم الإسلام، وقد جاءت التقارير الدولية الخاصة بمكافحة الإرهاب بأسماء عدة لخليجيين يدعمون الإرهاب وهم لم يعودوا يخفون على أحد والجميع بات يعرف أن هؤلاء الداعمين الخليجيين ما هم إلا جزء من التنظيم العالمي للإخوان المسلمين في الخليج، بل إن بعضهم صرح بذلك متفاخراً بعد «الربيع العربي» المزعوم. ولا غرابة اليوم أن يظهر رأس «الإخوان» في الخليج «يوسف القرضاوي» في تسجيل مرئي ليكشف الحقيقة التي قد تغيب على البعض أن زعيم تنظيم «داعش» وهو أبوبكر البغدادي كان من جماعة الإخوان في شبابه، موهما المشاهد بأن البغدادي كان إخوانيا ثم سلك نهجا جديداً طمعاً في الخلافة! والحق أن رؤوس الإرهاب اليوم قاطبة لهم صلة وثيقة بجماعة «الإخوان»، وهم وجهان لعملة واحدة ونهج واحد وهدف واحد، وهم جميعا يطبقون فكر التنظيم السري العسكري بشكل علني اليوم بعد أن كانت جماعة الإخوان تطبقه في مرحلة سابقة بشكل سري، ويطبقون أهداف الجماعة التي خطها البنا في الماضي وجعلها دستورا مقدسا لا محيد عنه، والتنظيم العسكري السري جزء لا يتجزأ من منظومة الإخوان المتكاملة للوصول إلى الحكم في الدول العربية ولو تغير اسم التنظيم السري في عصرنا الحاضر إلى عدة جماعات متطرفة. واليوم يقرر العالم مواجهة تنظيم «داعش »الإرهابي الذي عاث في الأرض فساداً باسم الإسلام، وتكاتف الجميع من أجل دحر شر «داعش» إلا أن تنظيم «الإخوان» ومن يقف خلفهم من دول وجماعات ورموزهم في الخليج وقفوا موقفاً واحداً رافضاً لمواجهة هذا التنظيم الإرهابي والحرب عليه، وهذا ليس بمستغرب أبداً، فكما أسلفنا في السطور السابقة، فإن جماعة «الإخوان» هي الأم الحاضنة تاريخيا للإرهاب ورموزه، والتسجيل المرئي للقرضاوي الذي بين فيه أن البغدادي زعيم تنظيم «داعش» الإرهابي خرج من كنف «الإخوان» وينتسب للجماعة، فهي شهادة واضحة أجراها الله على لسانه ليعرف العالم أجمع من أين يخرج الإرهاب وما هي مصادره الحقيقة التي لم تعد غائبة بعد اليوم على أحد. د. محمد سيف كاتب وباحث إماراتي