الأسبوع الماضي بمدينة «جابورون»، في بوتسوانا الواقعة في جنوب أفريقيا، جلستُ أنا وزوجتي «لورا» في غرفة صغيرة داخل مستشفى تلوكوينج، المنشأة الطبية التي شرعت مؤخراً في إجراء فحوص وتقديم العلاجات للنساء المصابات بسرطان عنق الرحم. وإلى جانبنا كانت تجلس ليهيلوي وايل، امرأة في الأربعين من عمرها كشفت الفحوص عن إصابتها بالمرض، ولكن بفضل التشخيص المبكر والوصول إلى العلاج، تقول «وايل»، إنها اليوم ما زالت على قيد الحياة، وبصحة جيدة، وقادرة على تربية ابنها. والواقع أن القصص السعيدة على غرار قصة «وايل» أصبحت شائعة على نحو متزايد في خمس بلدان أفريقية تنشط فيها منظمة «بينك ريبون ريد ريبون» («الشريط الوردي الشريط الأحمر»). فمنذ أن غادرنا البيت الأبيض، شعرتُ ولورا بحزن شديد لما علمنا بأنه نظراً لأن النساء المصابات بفيروس «إتش آي في» أكثر عرضة للإصابة بسرطان عنق الرحم، فإن النساء اللاتي كن يُنقذن من الإيدز كن يمتن جراء مرض آخر قابل للعلاج ويمكن الوقاية منه. ولهذا، أنشأنا في «معهد بوش» هذه الشراكة بين القطاعين العام والخاص لمحاربة أمراض السرطان التي تصيب النساء. وخلال ست السنوات الماضية، استفادت من فحوص الكشف عن سرطان عنق الرحم أكثر من 370 ألف امرأة ومن فحوص الكشف عن سرطان الثدي 24 ألف امرأة من خلال منظمة «بينك ريبون ريد ريبون»، كما تلقت أكثر من 119 ألف فتاة تلقيحات ضد فيروس الورم الحليمي البشري «إتش بي في»، الذي يمكن أن يؤدي إلى سرطان عنق الرحم وأنواع أخرى من السرطان. وإضافة إلى ذلك، تلقت قرابة ألف عامل صحي تدريبات خاصة، وإذا توافرت الموارد المناسبة والالتزام الدولي، نستطيع إنهاء الوفيات التي تنتج عن الإصابة بسرطان عنق الرحم في القارة الأفريقية في غضون 30 عاماً. وإلى جانب منظمة «بينك ريبون ريد ريبون» هناك شريك مهم يلعب دوراً أساسياً في هذه الجهود: إنه «مخطط طوارئ الرئيس لإغاثة مرضى الإيدز». وكانت إدارتي قد أطلقت هذا المخطط في 2003 من أجل التصدي لانتشار فيروس «إتش آي في»/ الإيدز الذي كان يهدد بالقضاء على جيل كامل في القارة الأفريقية. وبعد قرابة 15 عاماً على ذلك التاريخ، نجح البرنامج في تحقيق نتائج لافتة في جهود محاربة هذا المرض. واليوم، وبفضل التزام كثير من الحكومات الأجنبية، واستثمارات الشركاء، وقوة الأفارقة، وسخاء الشعب الأميركي، تسنى إنقاذ أرواح قرابة 12 مليون شخص. كما وُلد مليونا طفل لأمهات مصابات بالمرض خالين من فيروس «إتش آي في». وفي مدينة «ويندهوك»، بناميبيا، حيث عقدنا شراكة مع الحكومة، و«الصندوق العالمي»، و«بينك ريبون ريد ريبون»، التقيتُ ولورا والسيدة الأولى في ناميبيا بعض المواليد الجدد وأمهاتهم. وقد كانت كل الأمهات تقريباً مصابات بالإيدز ولكن أطفالهن كانوا خالين من المرض، وكم كان مثلجاً للصدر رؤية تلك الأرواح الصغيرة المفعمة بالأمل وأمهاتها اللاتي يشعرن بالفخر والارتياح، وقد كان ذلك تذكيراً قوياً لنا بضرورة مواصلة هذا الجهد، بل مضاعفته. ومما لا شك فيه أن سخاء الشعب الأميركي كان له تأثير كبير جداً يعكس قناعة مفادها أن كل الأرواح ثمينة وغالية، وتأثير أُعطي له الكثير، وما زال يحتاج للكثير، غير أن هذا العمل الذي ينقذ الأرواح له هدف عملي أيضاً بالنسبة للأميركيين، ذلك أن المجتمعات الغارقة في الأمراض تولد اليأس والقنوط والإحباط، ما يترك الناس في وضع نفسي هش، ويجعلهم أهدافاً سهلة للتجنيد من قبل المتطرفين. وبالتالي فعندما نحارب المعاناة – عندما ننقذ الأرواح – فإننا نزرع بين أشخاص محطَّمين، ونقوي المجتمع ونحصّنه، ونجعل بلدنا والعالم أكثر أماناً. وفي وقت ينكب فيه الجهازان التنفيذي والتشريعي على مناقشة الميزانية الفيدرالية، فلا شك أنهما سينخرطان في جدالات قوية حول الأوجه المثلى لإنفاق أموال دافعي الضرائب – والحق أنه يجدر بهما فعل ذلك. وسيذهب البعض إلى القول إن لدينا ما يكفي من المشاكل في الداخل، ولا ينبغي أن ننفق أموالاً في الخارج، ولكنني أقول إنه لا ينبغي لنا أن ننفق أموالاً على برامج غير ناجحة وغير فعالة، سواء داخل الوطن أو خارجه، ولكنهم ينبغي أن يموِّلوا بشكل كامل البرامج التي أثبتت فعاليتها وجدارتها وتحقيقها للأهداف المرجوة منها، ولا شك أن إنقاذ 12 مليون روح هو دليل قوي على أن «مخطط طوارئ الرئيس لإغاثة مرضى الإيدز» ناجح وفعال. ولهذا، فإنني أحث حكومتنا على تمويله، فقد بتنا على وشك تحقيق هدف جيل خال من الإيدز، ولكن الأفارقة ما زالوا في حاجة إلى مساعدتنا. ولا شك أن الشعب الأميركي يستحق الإشادة على هذا النجاح الكبير، وينبغي أن يواصل البذل والعطاء إلى أن تنجز المهمة. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»