مع كتابة هذه السطور، تتوالى أخبار الانتصارات ضد ميليشيات الحوثي الإيرانية في اليمن على أيدي قوات المقاومة اليمنية، مدعومة من قوات الإمارات. ومنذ أيام وأبواق نظام الحمدين القطري ومتحدثه الرسمي قناة «الجزيرة»، تحاول استغلال البيان الصادر باسم رئيس الوزراء اليمني أحمد بن دغر. وقد عبّرت وزارة الخارجية والتعاون الدولي الإماراتية عن استغرابها لذلك البيان وللتصعيد الذي تناول دولة الإمارات ودورها بشكل مخالف للواقع والمنطق. واستهجنت الوزارة إقحام موضوع السيادة الذي لا يمت للواقع الحالي بصلة، وعبرت عن إدراكها للدور الذي يلعبه «الإخوان المسلمون» وراء هذه الحملات المغرضة. ويعود الدعم الإماراتي للأشقاء في اليمن عموماً، وفي سقطرى تحديداً، إلى عشرات السنين، ترجمةً لتوجيهات المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله. وفي هذا السياق، فإن دولة الإمارات تقوم بدور متوازن في جزيرة سقطرى اليمنية، للحفاظ على الأمن والاستقرار ولدعم المشاريع التنموية، ولمساعدة أهالي الجزيرة. ويأتي افتتاح رئيس الوزراء اليمني أحمد بن دغر لبعض هذه المشاريع ضمن هذا الإطار. وأكد بيان الوزارة أن الوجود العسكري الإماراتي في كافة المحافظات اليمنية المحررة، بما فيها سقطرى، يأتي ضمن مساعي التحالف العربي لدعم الشرعية في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ اليمن. وأكدت وزارة الخارجية أنه لا مطامع لدولة الإمارات في اليمن الشقيق أو في أي جزء منه. وإلى ذلك، شهدت شوارعُ سقطرى تظاهرةً حاشدة اعتبرها مراقبون استفتاءً لسكان الجزيرة بشأن ما تقدمه دولة الإمارات من دعم وإسناد للأهالي هناك. وتحت شعار «الإمارات سند سقطرى»، تدفق أبناء الجزيرة إلى شوارع مدينة حديبو عاصمة المحافظة، رافعين علم دولة الإمارات، وفاءً لدورها وتقديراً لإسهاماتها الإنسانية، واستنكاراً للحملات التي تتعرض لها من قبل «الإخوان» ووسائل إعلامهم. ويعود ارتباط الإمارات التاريخي بجزيرة سقطرى إلى سنوات طويلة سبقت حرب التحالف العربي ضد الحوثيين التابعين لإيران، ويمكن أن نجد شذرات منه في خواطر بعض البحَّارة الإماراتيين، مثل النوخذة «إسماعيل أحمد جاسم الحوسني» الذي يذكر أسماء كثير من رفاقه وأقربائه، ويقول إنه في أيام سفنهم الدومي (الشراعية) كانوا يجلبون التمور من البصرة إلى سقطرى عام 1954. وقد مكث لفترة في الجزيرة ثم تزوج هناك، وفِي عام 1978 أعاد ابنه وأحفاده إلى الشارقة. ويذكر أنهم كانوا ينقلون تجاراً يمنيين ومعهم أسماك المالح لبيعها في مومباسه وزنجبار في أفريقيا، وأنه عند انتهاء موسم الغوص في الخليج كان بعضهم ينتقل إلى سقطرى للغوص في جزيرة «عبد الكوري» التي تمتاز بكبر حجم محارها. ويذكر أن آباءهم وأجدادهم كانوا يمرون على سقطرى محملين بالتمور، سواء في طريقهم إلى الهند أو إلى أفريقيا. ويضيف أن أفراداً من قبيلة السودان المهاجرين من الشارقة، كانوا يستضيفونهم. كما يقول إنه لا تخلو إمارة من إمارات الدولة من ارتباط أسري مع سقطرى. وفِي عام 1992 عاد ذلك النوخذة البطل بذكرياته إلى سقطرى مع استكماله صنع باخرة خشبية في مصنعه في البطين، حيث سافر بها إلى سقطرى وعمل بنقل الأسماك إلى الإمارات، وأسس مصنعاً للثلج في سقطرى لفترة سنتين. النظرة الاستراتيجية للإمارات كانت مدركة أهمية المحافظة على سقطرى من التهديدات الأمنية، مما يستدعي وجوداً عسكرياً قوياً يناسب حجم الجزيرة وأهميتها للممرات البحرية، لمنع تسلل الحوثيين إلى هذه الممرات، وقد تداركت الإمارات الأمر مسبقاً ولَم تتركه للصدفة!