كلنا نقول إن احترافنا ليس سوى أوهام، قشور نحن الذين صنعناها، ونحن الذين نتاجر بها، نحن الذين ندعي أننا أصبحنا نطبق الاحتراف، الذي كنا نسمع عنه في السابق ونحلم به فيما مضى، واليوم أصبحنا مثلهم، محترفين، وكلنا ندرك أنه ليس سوى «حبر على ورق»، عقود موقعة بين أطراف عدة، تحدد الواجبات وتؤكد على الحقوق، وكلنا نعلم أنه تم تنفيذ بنود الحقوق بكل حذافيرها وزيادة، بينما تم إهمال بنود الواجبات بشكل صارخ وفاضح.
كلنا نعي هذا الشيء وندركه، بما فينا الجهات المعنية بتطبيق الاحتراف، فالأندية التي تدفع الثمن الباهظ من أجل استقطاب أبرز اللاعبين في سبيل تدعيم صفوفها لا تكترث بتطبيق الاحتراف الحقيقي على لاعبيها، ورابطة المحترفين التي تحولت إلى لجنة بين عشية وضحاها، ثم عادت إلى رابطة ربما كانت منشغلة بالمسمى أكثر من انشغالها بإلزام الأندية بالتطبيق السليم للعملية الاحترافية من خلال معايير صارمة.
12 عاماً مضت منذ حدث ذلك الانتقال السلمي والسلس من عصر الهواية إلى جنة الاحتراف، وخلال هذه الأعوام لم تكن اللعبة تتخذ منحنى تصاعدياً، ولكنها تهوي بقوة وتنحدر عاماً تلو العام، وعلى الرغم من أن الجميع يتابع ويراقب ويشهد على هذا التراجع، لم نجد أي جهة معنية كانت أو غير معنية تبادر إلى اتخاذ أي إجراء للكشف عن الداء وإيجاد مسبباته وتشخيص أعراضه، ناهيك عن البدء في العلاج وتحديد الدواء المناسب.
ومهما كان كلامنا دقيقاً وصادقاً، ومهما اقتربنا من الحقيقة المرة، فلن يكون أكثر دقة ومصداقية من حديث فارس جمعة في الحوار الذي أدلى به بالأمس لـ«الاتحاد الرياضي» عندما قال: «بعد مرور 12 موسماً على تطبيق الاحتراف، إلا أنه ظل مجرد كلام، ولا يتعدى الورق والجوانب التنظيمية للمسابقات، أما على صعيد اللاعبين والإدارات، فإن العقليات ما زالت هي نفسها قبل تطبيق الاحتراف».
هذا التصريح المهم يجب أن تتم إعادته على مسامع جميع المسؤولين، يجب أن يتم تذكيرهم به صباحاً ومساءً، يجب أن يضعوه في عين الاعتبار، ربما كنا نبالغ، ولا نصف المشهد بصورة واضحة، وربما نحن متشائمون أكثر من اللازم، ولكن هذا الكلام جاء على لسان لاعب عاصر الهواية، وعاش المرحلة الانتقالية إلى دنيا الاحتراف، ويعرف تمام المعرفة الفرق بين الحقبتين، ويدرك سلبيات المرحلة وهمومها ومشاكلها، فإذا كنتم لا تريدون الانصات لنا فاستمعوا إليه جيداً فقد شهد شاهد من أهلها.