قبل أن نعشم أنفسنا ونتمنى، ونبني آمالاً كباراً لمستقبل كرتنا، وقبل أن نضع الحصان أمام العربة، وقبل أن نفكر في التفوق آسيوياً، وكيف نتأهل إلى كأس العالم، بعد أن ذقنا حلاوتها للمرة الأولى قبل 30 عاماً، وقبل أن نطلب من أحد أنديتنا أن يكرر إنجاز العين الذي تحقق قبل 17 عاماً، ويتوج بلقب دوري أبطال آسيا، قبل أن نطالب أنديتنا بالظهور المشرف، ونتحدث بصوت عالٍ عن ضرورة احتراف لاعبينا في أوروبا، قبل أن نغرق أكثر وأكثر في تفاصيل الحلم، هل لنا أن نفكر قليلاً: ما الذي فعلناه بكرة القدم؟
هذه اللعبة الشعبية الأولى في العالم، هي التي سهرت من أجلها الكرة الأرضية أمس الأول، من أجل متابعة كلاسيكو الريال والبارسا، وهي التي تحسن مزاج أولئك الغاضبين دوماً، وهي التي يتوقف في مواعيدها رصاص الحروب، وتبذل في سبيلها المليارات، ويرخص لها الغالي والنفيس، هي الأولى والمحظية والمطلوبة دائماً وأبداً، هذه هي حقيقتها في كل مكان في الدنيا إلا لدينا نحن.
من يملك منتج كرة القدم، يجب أن يعرف أن مهمته ليست محصورة في إعداد منتخب وطني للمنافسة في الأحداث والمناسبات، كما أن دوره لا يتوقف عن تنظيم الأجندة وإدارة المسابقات، من يملك هذا المنتج يجب أن يعلم أن لديه شيئاً غالياً وثميناً، فكرة القدم تتقدم ولا تتأخر، ترتفع ولا تنزل، وأن تتراجع شعبيتها في أي مجتمع، فتلك هي الخيبة وذلك هو الفشل.
توالت الأحداث على كرة الإمارات في السنوات الأخيرة، وتتابعت الإخفاقات، ففقدت الجماهير شغفها باللعبة، باتوا لا يكترثون كثيراً بأخبارها، ولا يهتمون بمتابعة مسابقاتنا المحلية، ولعل عوامل عديدة التي أدت إلى هذا الجفاء والبرود، فلم تتغير الجماهير، ولا زالت تتابع المباريات الأوربية، كما أنها تضبط مواقيتها على المواجهات القوية في الدوريات العربية، ولكنهم لم يعودوا يجدون ما يفتشون عنه فيما يتعلق بالبطولات المحلية.
وعندما لا يحضر مباريات الجولة الأخيرة من الدوري، أكثر من 12 ألف مشجع في 7 مباريات، وهذا هو المعدل في معظم جولات المسابقة، فلا بد أن تتوقف جهة ما أمام هذا الرقم المخجل، لا بد أن تفعل هذه الجهة دورها في دراسة أسباب العزوف، وإيجاد الحلول التي ترجع الجماهير إلى المدرجات، وتعيد الحياة إلى المسابقات، وقبل أن تفكروا في إعداد المنتخب ولا يكون لديكم هم سوى إعداد أجندة الموسم، عودوا إلى نقطة الصفر، وأعيدوا اكتشاف كرة القدم.