أن تصل متأخراً خير من ألا تصل، هذه الحكمة المأثورة التي حفظناها وتوارثناها تبدو ظاهرة أمامنا عندما يؤكد عبدالمحسن الدوسري، الأمين العام المساعد للهيئة العامة للرياضة، أن اعتماد الاتحادات الرياضية لنظامها الأساسي سيكون شرط إقامة الانتخابات في الدورة الجديدة والتي ستقام بين عامي 2020 -2024.
أن تصل متأخراً، هكذا تعلمناها، ولكن هذه المرة علينا أن نعترف، لقد وصلنا متأخرين جداً، متأخرين للغاية، وقرابة نصف قرن من الزمان ليست بالمدة الزمنية البسيطة، دفعنا ثمنها غالياً، فوضى وعشوائية تسود في معظم المؤسسات الرياضية، في ظل غياب المراجع القانونية الضرورية والتي تحدد أساليب العمل، وطرق إدارة المنظومة.
لا أدري هل يجب أن نبتهج ونسعد بخبر مثل هذا، أم نبكي ونتألم على حالنا؟ وكيف أننا والدولة تقترب من الاحتفال بيوبيلها الذهبي، وبدأت في استشراف الخمسين عاماً المقبلة، لا تزال الرياضة تعلن أنها قررت تطبيق الأساسيات، وتنظيم العمل والبدء بالبديهيات، وكيف سبقنا الدنيا في معظم المجالات، بينما اتحاداتنا الرياضية وبلا فخر، لا تزال مطالبة بالبدء من نقطة الصفر.
أين كنا من قبل؟ وما الذي كانت تفعله مؤسساتنا الرياضية في السابق؟ لماذا توقف بها الزمن؟ والهيئة العامة للرياضة والتي كانت هي المرجع الأول لجميع الاتحادات في ما مضى، لماذا تأخرت إلى هذا الحد؟ ما الذي كان يشغلها عن أداء أبسط أدوارها وأكثرها أهمية، ثم ما الذي استجد اليوم؟ ما الذي أفزعنا فجأة واستدعى إيقاظنا من النوم؟
هل تعلمون ما الذي أضعناه في كل هذه السنوات الماضية؟ أجيال جاءت وأجيال رحلت، في ظل غياب العمل المنظم، والآلية السليمة، شاهدنا الأزمة تلو الأزمة، والصراعات على أشدها، ومجالس الإدارات تفور على صفيح ساخن، ونبحث عن المخرج، فلا نجد، سنوات من العمل الضائع والتخبط والفوضى والعشوائية، هل لنا أن نعرف اليوم من الشجاع الذي سيعترف بالتقصير وتحمل المسؤولية.
الاتحادات ليست بحاجة إلى أنظمة أساسية فقط، ولكنها بحاجة إلى حزمة متكاملة من اللوائح والقوانين، وإلى أناس قادرين على تحمل المسؤولية والنهوض بالرياضة من خلال قلوب صافية، وهمم عالية، وتقديم المصلحة العليا على المصالح الشخصية، وأن تفرض الهيئة العامة للرياضة على الاتحادات اعتماد أنظمتها الأساسية شيء مهم، ولكنه في نفس الوقت دليل إدانة لكل الذين كانوا يعملون في هذه المؤسسة خلال السنوات الماضية، صحيح أن الوصول هو الهدف والمراد والغاية، ولكن هل لنا أن نعرف لماذا وصلنا متأخرين للغاية؟