أشك أن الذي سأل يورجن كلوب، المدير الفني لليفربول، عن مدى قلقه من فيروس كورونا وتأثيره على فريقه، من أصل عربي، فلا أحد يسأل هكذا مثلنا، ولا أحد يجيب عما لا يعرف مثلنا.. نحن فقط من يتحدث في كل شيء، ويفتي في كل شيء.. في الطب وفي الهندسة وفي الذرة وعلوم الفضاء.. نحن أرض خصبة للشائعات، لأننا ندعي الفهم في كل شيء، ولا نترك الأمور لأهلها.
يعجبني كلوب على الدوام.. يعجبني في الكرة وقيادة فريقه، لكنني معجب بآرائه أكثر.. ينحاز دائماً لمنطق الأشياء.. يتحدث بلغة أتمنى أن تسود.. يعرف ما يريد ويقول ما يعرف وفقط.. لا يدعي التميز، ولا يرى أن الكرة أهم شيء ولا اللاعبين هم محور الكون.. يضع الأمور في نصابها الذي يجب أن تكون فيه.
في معرض رده على صاحب سؤال الكورونا، أكد كلوب أننا لا يجب أن نترك الأشخاص الذين لا يملكون المعرفة يتحدثون في كل شيء، وقال أولئك الأشخاص مثلي، وأكد كذلك أنه يكره فرضية أن كل ما يقوله المشاهير مهم، وأن حاله كحال الكثيرين مثله، لا يجيد الحديث عن السياسة ولا عن فيروس كورونا.. كل ما يمكن أن يتحدث عنه أنه يرتدي قبعة بيسيبول، ولديه قصة شعر سيئة.
تلك العبارة الأخيرة بالذات، تختزل المسألة.. طالما أنك لست متخصصاً، فربما أكثر ما يجمعنا في الحديث أن نتحدث عن أمورنا الخاصة.. عن قميصك الذي ترتديه أو حذائك أو قصة شعرك، لكن ما يحدث في وطننا العربي غريب.. هنا ليس عليك سوى أن تذكر العنوان، لتفاجأ بأننا نجيد كل شيء، ونعرف كل شيء.. نتحدث عن كورونا ونشخصها، وقد نسبق المسؤولين فنطالب بما لم يفعلوه، ولو عرفوا أنه أولوية لكانوا أسبق منا إليه.. هنا نتحدث عن الطب وعن الإدارة وعن الهندسة واليورانيوم، وربما أحد المتحدثين فشل بعد عقد من الزمن في اجتياز الثانوية.
كلوب مدرب إنسان.. ليس فقط كلامه ما يستحق أن نتوقف عنده، وإنما حياته بأسرها.. عامل المستودع الذي أصبح من أشهر مدربي العالم.. كلوب يرى أن القلق الحقيقي لا يجب أن يكون لنتيجة مباراة، ولكن من أجل شخص آخر كنت سبباً في حضوره للحياة - يقصد ابنك- هو مبتسم دائماً، لأن الكرة لديه ليست كما ندعي حياة أو موتاً.

كلمة أخيرة:
إن فشلنا.. إن سقطنا.. لنفشل بأجمل طريقة ممكنة